ما دمنا في مرحلة بناء أحزاب جديدة وتكييف أوضاع الأحزاب القديمة مع القانون الجديد فإن الضرورة تقتضي أن نتوقف عند رأي يدعو لبناء أحزاب برامجية وليست فكرية أو عقائدية، وهي دعوة تبدو وكأنها تؤكد فك الارتباط بين البرامج والفكر أو الاعتقاد.
ربما تكون التجربة الأردنية مكتظة بأحزاب تقدم نفسها تحت عناوين فكرية وعقائدية دون أن تقدم للمواطن او حتى في خطابها مضمونا برامجيا يعالج قضايا المجتمع أو يتعامل مع مسارات الدولة من اقتصاد وتعليم وصحة…، وهذه التجربة الطويلة أفرزت قناعة بأن هذا النمط من العمل الحزبي يعاني من ثغرات كبرى، وأنه يتحدث في مواقف سياسية وفكرية عامة بعضها لاعلاقة له بالشأن الداخلي أو قضايا الناس، ولهذا كانت الدعوة لأحزاب برامجية وهي دعوة مهمة لكن لا تعني أن لا تمتلك الأحزاب مضمونا فكريا أو عقائديا، لكنه مضمون لا يجعل الحزب غارقا في الحديث العام أو القضايا النظرية دون أن يمتلك برامج يساهم من خلالها الحزب في دفع مسيرة الدولة إلى الأمام ويعالج المشكلات التي يعاني منها المجتمع.