أخبار حياة – أجرى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد مقابلة مفصلة مع مجلة “لو بوان” الفرنسيةـ تطرق فيها للعديد من الملفات الداخلية والإقليمية والدولية، وفيما يلي نستعرض لكم نصها وفقا لما نقلته وكالة الأنباء القطرية الرسمية.
دولة قطر هي دولة صغيرة تجد نفسها في وسط العديد من القضايا الكبرى، مثل: الطاقة، والدبلوماسية، والاستثمار، وكرة القدم… كيف تقيمون قوة الدولة ودورها العالمي؟
نعد دولة صغيرة جغرافيا، لكن كل دولة، كبيرة كانت أم صغيرة، تضطلع بدور في الأحداث الجارية حول العالم. ونحن نسعى من خلال سياستنا الخارجية في دولة قطر إلى تقريب وجهات النظر المتباينة، لمساعدة جميع الأطراف التي تحتاج إلى المساعدة، ولعب دور الوسيط في المنطقة وخارجها. فالعالم يحتاج إلى الحوار لحل مشاكله، وخير مثال على ذلك ما حققناه مؤخرا في أفغانستان، حينما طلب منا أصدقاؤنا الأمريكيون المساعدة في التواصل مع الأفغان من أجل التوصل إلى حل سلمي للحرب، وهذا ما فعلناه. أضف إلى ذلك الدور المهم الذي تلعبه دولة قطر في مجال الطاقة لكونها موردا ذا مصداقية في هذا المجال، ونفتخر بالتزامنا بالاتفاقيات التي وقعناها خلال العقود الماضية، بما في ذلك الاتفاقيات في قطاع الغاز، حيث إننا نزود عددا كبيرا من الدول بالغاز، من الأرجنتين إلى اليابان.
تشهد دولة قطر ازدهارا كبيرا اليوم، لكن تاريخها كان حافلا بالتقلبات… ما هي الدروس التي تعلمتموها؟
أن التعليم ركيزة أساسية، لا سيما في بلد يمتلك موارد طبيعية، وتعلمنا أيضا من تاريخنا، فقد كانت بلادنا حتى ثلاثينيات القرن الماضي مركزا لصيد اللؤلؤ وتجارتها قبل أن تقوم اليابان بتطوير زراعة اللؤلؤ، فأصبحت بلادنا معسرة الحال، مما اضطر عددا كبيرا من القطريين إلى العمل في الدول المجاورة، بينما كان الجوع نصيب العديد من الذين اختاروا البقاء. واكتشفنا النفط في بداية الأربعينيات، ثم بدأنا باستخراجه وتصديره بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن النفط يعد مصدرا محدودا. وحين اكتشفنا الغاز في السبعينيات، كانت قيمته السوقية منخفضة نظرا لاهتمام الجميع بالنفط، وجب علينا المجازفة واستثمار أموال طائلة في منشآت التسييل والاستدانة. لكن الدرس الأهم من كل هذا هو أن الموارد ليست أبدية، يمكن للاستثمار أن يساعد، لا سيما من خلال صندوق الثروة السيادي، لكن الأمر الأهم هو الاستثمار في أنفسنا – في رأس المال البشري.
التعليم هو الحل، أغنياء كنا أم فقراء. فنحن نقوم بتطوير مدارسنا وجامعاتنا، كما قمنا بدعوة الجامعات والكليات الأمريكية والأوروبية لفتح فروع لها هنا، وبدأنا بتنويع اقتصادنا من خلال التركيز على تسع ركائز أساسية بما فيها التكنولوجيا، والصحة، والعلوم، والسياحة، وغيرها. وثقتنا كبيرة في اقتصادنا القوي، ونأمل أن نكون مستعدين لجميع السيناريوهات في المستقبل.
بالحديث عن التقلبات التاريخية، كانت دولة قطر شاهدة على صعود وانهيار عدد من الإمبراطوريات في تاريخها – الإمبراطورية الرومانية، والساسانية، والأموية، والعباسية، والعثمانية، والبرتغالية، والبريطانية… ما هي الإمبراطوريات التي تشهد اليوم صعودا أم انهيارا برأيكم؟ الجميع يتحدث عن الولايات المتحدة الأمريكية والصين، لكنني لا أعتقد أن بإمكاننا مقارنتهما بإمبراطوريات الماضي. فحقبتنا مختلفة، وباتت القوة تقاس بالتعليم والاقتصاد وبالثقافة أيضا. الولايات المتحدة الأمريكية قوة عظمى ليس على المستوى العسكري فحسب، بل على المستوى الاقتصادي والإبداعي والعلمي أيضا… أما الصين، فستكون قوة صاعدة في المستقبل بفضل اقتصادها القوي وعدد سكانها.