د. رانيا اسماعيل
العديد من النظريات قسّمت الدخول بالادمان لمراحل متعددة و بمسميات مختلفة، لكن بنهاية المطاف كل المسميات تحمل تقريبا نفس المفهوم ونفس الاعراض، وأحيانا تتداخل حسب الحالة، وحسب نوع المخدّر وكميته وقوة الرغبة بالانسحاب .
المرحلة الاولى :
(النية ،التجربة، الاكتشاف ) : يرغب وينوي الشخص بتجربة التعاطي لعدة اسباب بغض النظر عن المرحلة العمرية، الا أن الشباب أكثر عرضة للتجربة ، والأسباب متعدّدة منها اجتماعية واقتصادية ونفسية وقد تكون مشكلة رفاهية شخصية زائدة ووقت فراغ قاتل ووحدة، وقد تكون مجاراة لـ”موضة” التعاطي الدارجة أو حتى رغبة خفية بالدخول لتجربة ومغامرة خطرة والبحث على هُوية شخصيّة جديدة تكسبه مقومات يرغبها، قد يجربها الشخص لمرة ويتخطاها ولا يعود لها وقد يعود مرة أخرى ، لكن هذه المرحلة ليس فيها اعتمادية ولكنها عبارة عن بداية العلاقة للدخول بالادمان لاحقا.
إذن لا اعتمادية جسدية ولا عقلية ولا نفسية والسيطرة في هذه المرحلة ممكنّة وقطع العلاقة مع المخدرات سهل اذا أراد الشخص ذلك .
أنت قادر على النفاذ بجلدك هنا .
المرحلة الثانية :
(مرحلة شهر العسل والتناول المتقطع )؛ أحيانا قد يدمج الشخص المرحلتين معا من دون أن يشعر، هنا تتكون لدى الشخص مشاعر جميلة ومثيرة مع المخدرات، وأهمّها أنها تخفف من أعباء الحياة والتوتر والشعور بالفراغ، يختبر أحاسيس رائعة لم يعشها من قبل ويرغب باستمرارها، ويبدأ الصراع بين المنطق الطبيعي للحياة وبين منطق الادمان، وينكر الشخص أنه بحاجة لمساعدة ويعتقد أنّه قادر على الانسحاب لوحده بأي وقت، رغم ان منطق الإدمان يسيطر بالنهاية لكن الشخص قد يتوقف بدعم نفسي واجتماعي، وقد تستمر هذه المرحلة أشهر أو سنوات بناء على الكمية ونوع المخدّرات الذي يتناولها الشخص .
انسحب الآن قبل التورط أكثر .
المرحلة الثالثة :
(الخلخلة والاستخدام المنتظم للمادة ) : بعد أن سيطر منطق الإدمان على حياة الشخص، سيصبح الانكار بوجود المشكلة هو السِمة الواضحة وسيبدأ إطار حياته بالاهتزاز والخلخلة ، سيزداد التعاطي بعدد المرات وبالكميات للحصول على شعور السعادة الأولي وقد يبحث عن مخدر من نوع آخر للحصول على النشوة، ستختفي السعادة تدريجيا ويبدأ شعور الكآبة، وتبدأ العلاقات الاجتماعية بالتأثّر وسيقل حماسه تجاه مسؤولياته ويظهر لديه شعور بالذنب والغضب والخوف من المستقبل، هنا يصبح التداخل مع المراحل اللاحقة مربوط بخيط رفيع، يستمر الشخص بالتعاطي بسبب بدء اعتمادية جسده على المواد المخدرة رغم إدراكه للمشاكل التي يسببها استخدام المخدر .
ما زلت تستطيع التخلص لكن ليس لوحدك بل بمساعدة علاجية حقيقية، فهل أنت مستعد؟
المرحلة الرابعة
(الاعتمادية القوية على المخدر) : هنا لا تفكير للشخص خلال يومه سوى الحصول على المخدر ، تزداد مشاكله العائلية والاجتماعية، ينفصل ويترك الزوجة والأولاد والعائلة ولا يهتم بشيء إلا الحصول على المادة التي باتت تسبب له التعاسة بأي طريقة كانت.
إن الاستغناء هنا عن المادة لفترة معينة من الوقت يمكن أن يحفز أعراض الانسحاب، مثل تشنجات العضلات أو القيء أو الحمى، وتكون الرغبة في المادة شديدة، والاعتمادية الجسدية والنفسية على المادة قوية جدا؛ هنا يطوّر الأعمال الجرمية والتخريب.
أصبحت المغادرة هنا صعبة وتحتاج لجهود مكثفة من عدة جهات، لكن ما زال هناك أمل .
المرحلة الخامسة :
(الإدمان ، الزلزال ، الحضيض الصخري ): وتسمى كذلك (الطيف الكامل لاضطراب تعاطي المخدرات)، هنا يصبح التحكّم بالمخدّرات مستحيلا بدون التدخل والعلاج خاصة بعد أن بدأ الشخص بخلط المواد المخدرة مع الأدوية والكحول، أصبحت الصحة العقلية والجسدية في خطر، ومن الصعب على الشخص طلب المساعده لوحده لأنه غير قادر على تصور الحياة بدون مخدرات، في هذه المرحلة يخسر كل شيء ماديا ومعنويا ومهنيا، هو الآن فريسة سهلة للإنتحار والسرقة وارتكاب كافة أنواع الجرائم بما فيها الاعتداء الجنسي على المحارم والتفنن بقتلهم ودخول السجن.فلقد أصبح شخص آخر يشكل خطرا على نفسه وعلى الآخرين .
العلاج ممكن ولكنه ليس سهل ويعتمد على عدة أمور ويختلف من حالة لأخرى ، ولا يقتصر فقط على إزالة السموم من الجسم بطريقة ممنهجة ، بل يحتاج لتخصصات علاجية متعددة تغطي النواحي الجسدية والنفسية والاجتماعية والوقائية . وبغض النظر عن المرحلة التي يمر فيها الشخص سيكون هنالك طريقة للخروج …فقط ابحث عن المساعدة وأعطي نفسك الفرصة للحياة من جديد .
[email protected]