أخبار حياة – دعا وزراء تعليم عال سابقون وخبراء أكاديميون ورؤساء جامعات، الحكومة لتصفير مديونية الجامعات الرسمية، وتنفيذ قرارات لحكومات سابقة لم تنفذ بهذا الجانب.
جاء ذلك خلال حلقة نقاشية، نظمها أمس المنتدى الثقافي بمؤسسة عبد الحميد شومان والجمعية الثقافية العلمية لأساتذة الجامعات بعنوان “آفاق التعليم العالي في الأردن: السنة التحضيرية ومديونية الجامعات”، بحضور ومشاركة وزير التربية والتعليم والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة.
واشاروا الى ان المبالغ المستحقة على الوزارات والمؤسسات الرسمية للجامعات، إذا أضيفت إليها الكلفة تبلغ ضعف مديونية الجامعات، لافتين إلى أن الجامعات الرسمية حلقة ضعيفة ورؤسائها الحلقة الأضعف، ما قد يجعل بعضهم في حال استمرار أوضاعها المالية، يسلمون مفاتيحها.
واتفقوا على الا ضرورة للسنة التحضيرية، التي أثبتت التجربة عدم نجاحها، لأنها لا تحقق العدالة بين الطلبة.
محافظة، أشار إلى أن ما يخصصه الاردن من الناتج المحلي الاجمالي او من الميزانية للتعليم، يبلغ نصف النسبة عالميا، معتبرا بأن الموازنة العامة للعام 2023، لم تعكس رؤية التحديث الاقتصادي. وقال بان حل المشاكل المالية للجامعات، يأتي عبر الدعم الحكومي او اعادة هيكلة الرسوم.
وشارك في الجلسة الأولى، رئيس الجمعية الدكتور عبد الرحمن شديفات بعنوان “السنة التحضيرية في الجامعات الأردنية”، الى جانب وزير التربية والتعليم وزير التعليم العالي الاسبق الدكتور وليد المعاني ورئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات.
المعاني استعرض محاور أنظمة القبول في كليات الطب في دول كأميركا وبريطانيا وألمانيا ومصر، كما استعرض تجربة الجامعة الأردنية عند إنشاء كلية الطب فيها، ليؤكد أن السنة التحضيرية للإعداد والتقوية، فإن كان الطالب متمكنا عند خروجه من الثانوية العامة، فلا داعي لها، أما إن كان ضعيفا، لم يؤهل تأهيلا مناسبا فمرحبا بها.
ولفت الى أربعة محاور في هذه العملية، أولها: أنظمة القبول في كليات الطب في العالم، وثانيها تجربة “الأردنية” عند إنشاء كلية الطب فيها، ونظام القبول الذي اتبعته ولماذا عادت عنه، وثالثها الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، ورابعها السنة التحضيرية، كيف فهمت وطبقت، ولماذا ألغاها مجلس التعليم العالي حين كان وزيرا للتعليم العالي.
واشار الى انه في العام 2018، تشكلت لجنة عمداء للكليات الأربع (طب وطب أسنان “الأردنية” و”التكنولوجيا”) لدراسة السنة التحضيرية وقبول الطلبة اشتراكا، ثم فرزهم بعد سنة بامتحان تقيمي. وكتبوا تقريرا عارضوا فيه المشروع، مستدركا أنه لم يستمع لهم أحد ونفذ المشروع.
وقال إن مجلس التعليم العالي، أصدر تعليمات السنة التحضيرية بعدها، وحدد مسار تنفيذ القبول واعتماد أسسه، مستغربا أن هذه التعليمات ميزت بين طلبة البرنامجين العادي والموازي، فسمحت للأخير بالإعادة وحرمت الأول.
واضاف انه وعند بدء القبول في العام الدراسي 2019/2018 عدل نموذج القبول الموحد، فألغي منه تخصص طب وطب أسنان الأردنية والتكنولوجيا واستبدلا بالتحضيرية في الأردنية والتكنولوجيا، وبقي القبول في كليات الطب الأخرى (الهاشمية ومؤتة) كما هو، وقبل 1200 طالب في السنة التحضيرية، درسوا مساقات صيغت على عجل بالانجليزية، وفصل نحو 65 طالبا في الفصل الأول، مع أن انظمة الجامعات لا تسمح بفصل الطالب في فصله الأول.
وقال “لا أدري حتى اليوم، لماذا جرى ضم الأسنان مع الطب في برنامج واحد، بحيث يمنح الحاصلون على أعلى العلامات مقاعد طب، وبعضهم كان يريد دراسة طب الأسنان، ومن يليهم مقاعد طب أسنان، وبعضهم كان يريد دراسة الطب، ويرسل الباقون ليبحثوا عن كليات أخرى، ولا أدري لماذا طبق على الأسنان، مع أن النص واضح في الاستراتيجية بتطبيقه على الهندسة”.
وأكد المعاني أن السنة التحضيرية للإعداد والتقوية، فإن كان الطالب معدا وقويا ومتمكنا عند خروجه من الثانوية العامة، فلا داعي لسنوات تحضيرية، أما إن كان ضعيفا لم تؤهله الثانوية العامة تأهيلا مناسبا أو كان طالبا لم نؤهله، نحن فمرحبا بالسنة التحضيرية.
واعتبر أن المشروع الذي يحمله وزير التربية والتعليم لتطوير امتحان الثانوية العامة ومدة لسنتين لمواد محددة في حقول مختلفة وإلغاء الفروع، ناديت به وكتبت عنه منذ العام 2009، وإن كتب له النجاح، سيغنينا عن السنة التحضيرية للأردنيين، مبينا أنه حان الوقت لتقييم ما نفذ من الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية بعد مرور 6 سنوات عليها.
عبيدات تساءل عن أسباب الذهاب للسنة التحضيرية، مشيرا إلى أن علامة الثانوية العامة (التوجيهي)، عامل إيجابي في النتائج، مبينا ان تحليل النتائج التي يحققها الطلبة حاليا بدخولهم لكلية الطب في “الاردنية”، تبين أن أهمية علامة “التوجيهي”، اي ان هناك علاقة ايجابية بينها وبين ما يحرزه الطلبة، ففي السنة الاولى واحيانا الثانية، حاز طلبة البرامج الاجنبية على نتائج أفضل من التوجيهي، لكن هذا الفرق يتلاشى بعد السنة الثالثة.
ورأى أن وضع طالب التوجيهي الذي درس المواد العلمية بالعربية مع الطالب الذي درس المواد بالانجليزية، لا يحقق العدالة، فحال دراستهم للمواد معا بالانجليزية، حتما سيتأثر جزء من علاماتهم بالنظام التعليمي الذي انهوا فيه الثانوية، مؤكدا أن أدائهم في البرنامجين يختلف في السنوات التي تلي السنة الثانية لمصلحة الثانوية العامة.
وقال ان القبول، سيكون مبنيا على علامات يحرزها الطالب من نظام امتحانات، يعتمد على مدرس المادة، وتوحيد الامتحان يعتمد أيضا على الذي أعطي من مادة الامتحان، وكيف تعطى هذه المادة ومن كتب اسئلة الامتحان.
وبشأن الجانب المالي الذي جرى التركيز عليه في السنة السابقة، بحيث ستوحد رسوم السنة التحضيرية في الجامعات، فإن استطعنا تطبيق ذلك، ستستفيد جامعتان من هذا الإجراء، لكن هل يمكننا الاستمرار بهذه الرسوم في السنوات التالية، مبينا أن انتقاء الطلبة في نهاية السنة التحضيرية، سيكون إما بالاعتماد فقط على علامة السنة التحضيرية او ستكون النتائج مختلطة، واذا كنا سنعيد علامة “التوجيهي” جزئيا، فما الداعي للسنة التحضيرية.
وقال إن حصل وطبقت السنة التحضيرية سيضطر وزير التعليم العالي لقبول الطلبة كافة، وسيصبح هناك مضاعفة في اعدادهم، ما سيؤدي لنتائج سلبية وصعبة على الجامعات، داعيا لتجويد القبول بإعادة النظر في “التوجيهي”، عبر إيجاد مسارات جديدة تأخذ بالاعتبار توجهات الطلبة بعد التوجيهي، واحترام ما تحدده مجالس الأمناء من أعداد القبول الموحد، والالتزام بالنسب المحددة للكوتات، وإعادة النظر بنسب البرامج الدولية لمن يقبلون في الطب، وحل مشكلة التمويل بالجامعات لتتمكن من التقليل من نسب الموازي أو حتى الغائه.
وللمساهمة بحل مشكلة التمويل، تؤخذ بالاعتبار في القبول الموحد، قيمة رسوم الساعات في الجامعات، فمثلا الجامعات ذات الرسوم العالية في البرنامج العادي، يقبل معظم طلبتها في البرنامج العادي ونسبة الموازي أقل، بينما الجامعات ذات الرسوم المنخفضة للبرنامج العادي، فيجري تقليل أعداد الطلبة في هذا البرنامج، ويسمح بأعداد أكبر في الموازي، أما الدولي فيبقى للجامعات الحرية بذلك.
وفي تعقيب له قال محافظة، اصبح لدينا 11 كلية طب اسنان إلى جانب 6 كليات طب في الجامعات الرسمية، ومنح تراخيص لجامعات طبية، معتبرا أن الأردن لا يحتاج أكثر من 3 كليات، فضلا عن التوسع الكبير بقبول أعداد كبيرة في البرنامجين الموازي الدولي، مع عدم توافر إمكانيات واسرة لسنة الامتياز وبرامج الإقامة، معتبرا بأن الأعداد الكبيرة من خريجي الطب وطب الأسنان، يلحق ضررا على صعيد وطني في ظل البطالة بين الخريجين.
وتناولت الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور رعد التل بعنوان “مديونية الجامعات الأردنية.. الواقع والتحديات”، أشار إلى اعتماد الجامعات على 5 مصادر للإيرادات، أهمها إيرادات الرسوم الجامعية والدعم الحكومي.
وقالت رئيسة لجنة التربية والتعليم بمجلس الأعيان الدكتورة محاسن الجاغوب، ان التعليم مدخل للاصلاح والنهوض في الدولة، وان رؤية التحديث الاقتصادي والاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، تطرقت لمحاور التعليم والتعليم العالي، وحددت المشاكل ووضعت الحلول، متسائلة حول ما إذا كانت رؤية التحديث الاقتصادي قد انعكست على الموازنة العامة، بما يتعلق بمحوري التعليم والتعليم العالي.
وأشارت الجاغوب إلى أن هذه الرؤية، تضمنت طرحا لتصفير مديونية الجامعات الرسمية، متطرقة لغياب العدالة في التعليم، ووجوب أن يكون هناك فرص تعليم واحدة، مشيرة إلى أسباب المديونية، التي تفيد بأن رسوم الجامعات لم تتغير منذ سنوات طويلة، فكلفة الطالب أعلى منها، وهي تشكل تحديا وماديا واجتماعيا.
وقالت إن الحل ببرنامج جديد اسمه جاذب ومحتواه منفر، وخلق برامج جديدة، مشيرة إلى أن صناديق الاستثمار لا تدر دخلا على الجامعات، وهناك توسع في الكادر الإداري دون الحاجة إليه، فضلا عن ضعف التبرعات والوقفيات، متسائلة: لماذا تربح المدارس والجامعات الخاصة، بينما الجامعات الرسمية تعاني العجز والمديونية؟
وبينت الجاغوب، أن مديونية الجامعات تؤثر على نوعية وجودة التعليم، مؤكدة أنه لا بد من اعادة هيكلة الرسوم وتوحيدها، وعلى الحكومة تسديد التزاماتها لها، موضحة أن رؤية التحديث تطرقت لتعزيز الاستقلال المالي والإداري للجامعات، وربط البحث العلمي بحاجات الاقتصاد وزيادة اعداد الطلبة الوافدين.
وبين رئيس جامعة اليرموك الدكتور إسلام مساد، أنه لم يستشر رؤساء الجامعات في هذه الرؤية، مؤكدا انه يجب ان تكون الجامعات مستقلة فعلا، فهي ورؤسائها الأضعف، ومديونيتها خطرة والقادم أصعب.
وأشار مساد إلى أن أرقام المديونية غير معروفة بدقة، وان لكل جامعة خصوصية، والحكومة تتعامل مع كل الجامعات بالطريقة نفسها، أما التعليم التقني، فلا نملك الامكانيات له، لأنه مكلف، مشددا على ضرورة الشراكة مع القطاع الخاص لتحقيقه.
وقال ان معظم الطلبة في “اليرموك”، يدفعون رسوما متدنية، وعوائد الموازي من الطب لا تتجاوز الـ5 % والدولي دخل غير ثابت وحسب العلاقات السياسية، داعيا لتحديث برامج الجامعات، معتبرا بأن هيكلة الرسوم ليست سهلة، ووجوب تصفير مديونية الجامعات لتتمكن من النهوض وتحديث البنية التحتية والبرامج.
وعقب محافظة بقوله إن 6 % من الناتج الإجمالي يخصص للتعليم وفق المعدل العالمي، وفي الأردن هو 3.6 % و20 % من الموازنات في العالم تخصص للتعليم وعندنا 10 % فقط، مشيرا لتراجع مخصصات التعليم في الموازنة وتراجع الميزانية، في الدفعة الأخيرة من الدعم الحكومي للجامعات ستحول لصندوق دعم الطالب الجامعي.
وكان مدير المنتدى الثقافي والجوائز الأدبية في مؤسسة عبدالحميد شومان موفق ملكاوي أشار في كلمة بداية الحلقة النقاشية، إلى أنه في وقت ما يزال هناك عدم توافق يكتنف السنة التحضيرية، لكنْ هناك اتفاق كبير على أنها أصبحت عبئا كبيرا على المؤسسات التعليمية، فمديونية 8 جامعات رسمية بلغت اليوم 192 مليون دينار، ما أثر على أدائها، وأجبرها على تبني سياسات قبول غير صحية في بعض البرامج.
وأكد أن مؤسسة شومان التي تضع التعليم بجميع مستوياته، على سلم أولوياتها وبرامجها، تمد يدها لجميع الجهات التي تريد النهوض بواقعه، خصوصا الوزارة صاحبة الولاية، وهي على استعداد دائم لتبني مزيد من البرامج لعملية إصلاح شاملة، تؤدي في النهاية إلى تخصصات فاعلة، وتعليم مؤهِل وممكِن.