النمط الاستهلاكي!

عصام قضماني
يوصف النمط الاستهلاكي في الاردن انه «خليجي» بمعنى انه ينتمي لمجموعة الدول النفطية.. لكن هذا «كان زمان»!.

زمان.. أيام طفرة الثمانينات ومخصصات دول الصمود والتصدي ونزوح مجتمع العائدين من الخليج وهو «خليجي» من ناحية السلوك الاستهلاكي إلى الاردن في أعقاب أزمة الخليج في التسعينيات.

كل ذلك لم يعد كما كان واقتصر اعتماد الخزينة في ايراداتها على الضرائب والرسوم ومساعدات اجنبية وعربية قبل ان تتوقف الاخيرة او تتحول الى استثمارات وملكيات في شركات.

كل ذلك واكثر مع تراجع نسب النمو الاقتصادي اثر سلبا على الاستهلاك الخاص والعام -الطلب الكلي- فاذا كانت حصة الضرائب من الدخل تبلغ 26٪ من الناتج المحلي الاجمالي، واذا كانت حصة مديونية الفرد إلى دخله، تبلغ 45% من دون اضافة تكلفة بدل الايجارات والكهرباء والمياه ورسوم التعليم وغيرها من النفقات الاساسية فيمكن تقدير النسبة المتبقية لغايات الاستهلاك بما لا يتجاوز ٣٠٪ بالمعدل.

حتى وقت قريب كان حجم الاستهلاك الخاص والعام في الأردن يعادل 105% من الناتج المحلي الاجمالي، أي أننا نستهلك كل ما ننتج ونغطي ما تبقى من القروض, هذه النسبة تراجعت خلال السنوات القليلة الماضية وحسب آخر احصائيات غير رسمية بلغ التراجع في الاستهلاك 2ر8%.

والحالة هذه فان ارتفاع الاسعار والتكاليف دون أن يواكبه ارتفاع في الدخل النقدي يخفض الاستهلاك!.

لا بد من التنويه الى ان النمط الاستهلاكي الذي ساد قبل كورونا هو غيره خلالها وبعدها لكن هذا النمط كان شهد تغيرا جوهريا قبل أزمة كورونا بسنوات وهو نتيجة لنسب النمو الضعيفة..

إن توافقنا على ان الغالبية الساحقة من المجتمع الاردني تشكل الطبقة الوسطى، فإن حجمها لا يقل عن 70% فهل تغيرت هذه النسبة خلال السنوات الاخيرة؟.

الدراسات خصوصا تلك التي تجريها مؤسسات دولية تضخم حصة الفرد من الناتج على اعتبار ان النمو ينعكس على جميع الشرائح بنفس النسبة وهو تعميم ليس في مكانه لأنه مجرد متوسط حسابي ليس بالضرورة ان يكون واقعيا.

منذ وقت طويل تخلى الاستهلاك عن نمطه الذي ساد قبل اكثر من عقد من الزمن فنظم نفسه حسب الاولويات من دون ان يحتاج الى ترشيد وان كان من ملاحظة فهي اننا نتفق مع النتيجة التي تقول ان الزيادة في دخول الفقراء ومتوسطي الدخل تذهب للاستهلاك اما الزيادة فيدخل الاثرياء فهي تذهب للاستثمار.

الخلاصة إن ما يحتاجه المستهلك هو ليس دعوات الترشيد وشد الاحزمة بل الى نمو اقتصادي حقيقي يعزز الدخل ويدعم الطلب هكذا يدعم النمو نفسه بنفسه.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات