العراق.. إحدى رئتي الاقتصاد الأردني وأهم الأسواق للصناعات الوطنية

*الساكت: الحاجة ماسة لتوحيد القطاع الخاص الأردني للاستفادة أكثر من فرص الاستثمار مع العراق

*مخامرة: الانفتاح على العراق سيزيد من فرص الاستثمار المتبادل بين البلدين

*العلاونة: بحثنا في العراق المعوقات التي تحول دون ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين

أخبار حياة – يوسف أبورمان – يرى خبراء اقتصاديون أن التقارب الأردني العراقي يعد خطوة في الاتجاه الصحيح لاستعادة العمق الاستراتيجي الاقتصادي، باعتبار أن العراق تُعد إحدى رئتي الأردن الاقتصادية.

وقالوا إن هذا الحراك يحتاج إلى تعميق اكثر عبر جملة من الإجراءات التي من اهمها توحيد القطاع الخاص الأردني بحيث يحقق الفائدة المرجوة من هذا التقارب، فضلا عن اهمية النظر إلى الاتفاقيات على ان تكون خاضعة لمنطق “رابح رابح”.

يقول عضو مجلس إدارة غرفة صناعة عمان الصناعي والكاتب الاقتصادي المهندس موسى الساكت، إن العراق تعتبر من أهم الأسواق للصناعات الوطنية الأردنية وأنها شريك اقتصادي هام للأردن.

وأضاف أن تحقيق الفائدة الاقتصادية بشكل أكبر يكون عبر توحيد القطاع الخاص الأردني بحيث يكون برؤية موحدة قادرة على التركيز أكثر لجلب الاستثمارات بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد الكلي في المملكة.

وقال: “نحن بحاجة إلى تعديل بعض القوانين الاقتصادية ومنها قانون غرف الصناعة والتجارة وايجاد علاقة ما بين هذين القطاعين والقطاع الزراعي من خلال اتحاد مثلاً، وذلك للوصول الى الأمن الغذائي والتكامل الحقيقي ما بين القطاعات الانتاجية المختلفة.

ورأى الساكت أن العمل على توحيد القطاع الخاص بحيث يكون له مرجعية موحدة ومحددة من شأنه أن يعطي الوفود الأردنية الرسمية والخاصة ثقلا أكبر، بحيث لا تبدو هذه الوفود وكأنها تتنافس مع بعضها البعض لتحقيق مكاسب قطاعية من دون النظر إلى المشهد الاقتصادي الوطني بكليته.

وأوضح الساكت أن مبررات الذهاب باتجاه اتحاد غرف صناعية وتجارية كثيرة قد يكون منها حجم الاقتصاد الوطني، وهو صغير بالمقارنة مع غيره من اقتصاديات كبيرة في كثير من الدول، مشيرا في ذات السياق إلى أن هناك تجارب في العالم ذهبت باتجاه توحيد غرف الصناعة والتجارة.

وقال: إن ذلك يساهم في الاستفادة أكثر من العلاقة الاقتصادية مع القطاع الخاص العراقي، بحيث يكون المستثمر العراقي قادر على التعرف إلى الفرص الاستثمارية الحقيقة في المملكة، وبما ينعكس على رفع مستوى التبادل التجاري من صادرات وواردات.

أسباب التقارب الاقتصادي

وقال الخبير الاقتصادي، وجدي مخامرة، إن التوتر في الملف السياسي العراقي الإيراني والعلاقة المتينة بين الأردن ورئيس وزرائه الجديد، أسباب تدعو إلى عودة التقارب الاقتصادي بين البلدين.

وبيّن مخامرة في حديث لـ”أخبار حياة“، أن الملك تدخّل دبلوماسيا من أجل العراق مع رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؛ وهو ما يكسب العلاقة المتجددة مع العراق عمقا أكبر.

وأضاف أن الوضع الاقتصادي للأردن يمر بظروف صعبة ومعقدة، وأن المتغيرات الاقتصادية أحوج ما تكون للانفتاح مع العراق، لمضاعفة الصادرات.

وتابع “هذا الانفتاح سيزيد من فرص الاستثمار المتبادل بين البلدين، خاصة مع فرص إعادة الإعمار في العراق والطلب الكبير على بعض السلع”.

وطالب مخامرة بضرورة تقديم حوافز استثمارية خاصة لدعم التوجهات الاقتصادية بين البلدين.

المدينة الاقتصادية المشتركة

وكان مشروع المدينة الاقتصادية بين الأردن والعراق أحد مخرجات القمة الثلاثية التي انعقدت في بغداد في حزيران العام 2021، والتي جمعت جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

وستبلغ مساحة المدينة نحو 5 آلاف دونم بعرض ألفي متر وطول 6 آلاف متر، ستقدم التسهيلات لصناعات البلدين، كما ستوفر من 50 ألفا إلى 100 ألف فرصة عمل لأبناء البلدين.

وستتضمن المدينة 3 مناطق رئيسية، هي: المدينة الصناعية، والمنطقتان الحرة، والدعم اللوجستي.

وبحسب خبراء، فإن جائحة كورونا، والإجراءات البيروقراطية الإدارية في بغداد ساهمت في تاخير حسم تسجيل المدينة القانوني باسم هيئة المدن الصناعية لمدة سنتين.

ويرجع الخبراء أن المسح الجيولوجي لتربة تلك المدينة، وانتظار الانتهاء من دراسة الجدوى الاقتصادية الأولية، أسباب أدت للتأخير أيضا.

وأظهر البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي أن وزارة الصناعة والتجارة والتموين ستعمل خلال العام الحالي على استكمال الدراسات والتصاميم ووثائق العطاء وطرحه لتنفيذ مشروع المدنية الاقتصادية مع العراق.

ويأتي استكمال الدراسات والتصاميم ووثائق عطاء المدنية الاقتصادية مع العراق ضمن أولويات البرنامج التنفيذي للرؤية للأعوام (2023-2025) ومن خلال مبادرة تعزيز التبادل التجاري ونمو الصادرات المحلية (فرص استثمارية).

واظهر البرنامج التنفيذي للرؤية أن البدء في تنفيذ مشروع المدنية الاقتصادية مع العراق سيكون خلال العام المقبل (2024) فيما يستمر التنفيذ حتى العام 2025.

وتتيح المدينة الاقتصادية بعد إنجازها استفادة المنتجات والصناعات المنتجة فيها من إعفاءات ومزايا اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها المملكة مع العديد من البلدان بشكل ثنائي أو متعدد الأطراف ما يتيح للمنتجات الأردنية الوصول الى أكثر من مليار مستهلك من دون أي قيود فنية أو جمركية بما فيها أسواق البلدين الشقيقين كون المنتجات المصنعة في المدينة الاقتصادية ستأخذ صفة المنشأ المشترك.

بحث تذليل العقبات

وقال عضو جمعية رجال الأعمال الأردنيين أيمن العلاونة إنه وخلال اجتماعات أجريت في العراق حضرها ممثلو القطاعات الاقتصادية من البلدين الأسبوع الماضي، جرى بحث المعوقات التي تحول دون ارتفاع حجم التبادل التجاري بين الأردن والعراق.

وقال العلاونة في حديث لـ “أخبار حياة“، إن بدء العمل بالمدينة الاقتصادية بين الأردن والعراق سيكون مطلع العام المقبل 2024.

وأوضح أن هناك آليات عمل ترمي إلى توحيد ترقيم المنتجات الأردنية والعراقية لدى الجمارك، إضافة إلى إعفاء عدد من المنتجات الأردنية من نسب الجمارك المفروضة، ومنح رجال الأعمال الأردنيين تأشيرة زيارة متعددة لمدد طويلة.

وكان وزير الصناعة والتجارة والتموين وزير العمل يوسف الشمالي قال في تصريحات سابقة “إن المدينة الاقتصادية المشتركة لن تقتصر على البلدين فقط، بل هي مفتوحة أمام جميع الدول للمشاركة فيها وإن الأولوية ستكون بالدرجة الأولى لجمهورية مصر العربية كونها جزءا من التعاون الثلاثي”؛ وهو ما يطلق عليه إعلاميا بمشروع “الشام الجديد”.

وقال الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة إن الدول لم تعد تعمل لوحدها، مشددا على ضرورة تفعيل التكاملية بين كافة الدول.

وبين في حديث لـ “اخبار حياة” أن على الدول الاستفادة من الميّز التنافسية فيما بينها وبناء تكامل اقتصادي عربي مشترك، وضرورة الإسراع في تنفيذ وبناء المدينة الاقتصادية بين البلدين.

ويقوم مشروع الشام الجديد (الاردن، مصر، العراق) على تصدير العراق النفط بأسعار تفضيلية للأردن عبر خط النفط العراقي الأردني المقترح، وإلى مصر عبر ميناء العقبة الأردني، مقابل تزويد العراق والأردن بالطاقة الكهربائية والغاز المصري.

ويعتمد المشروع على الكتلة البشرية الضخمة لمصر، مقابل الثروة النفطية الضخمة التي يمتلكها العراق، والأردن بحكم موقعها الجغرافي الذي يربط العراق بمصر”.

وكان الناطق باسم الحكومة فيصل الشبول قال في تصريحات سابقة، إن الحكومة تعتزم تنفيذ مشاريع كبيرة مع عددٍ من دول المنطقة، في مقدمتها مصر.

وأضاف الشبول أن “حكومة الأردن ستنفذ مشاريع مشتركة مع مصر والعراق والإمارات والبحرين في الربع الأول من العام الجاري”.

واتفقت كل من الأردن ومصر والعراق على اعتماد “آلية مؤسساتية” لمتابعة تنفيذ مشاريع التعاون المشتركة بين الدول الثلاث.

وعقد الأردن ومصر والعراق 5 قمم مشتركة، الأولى بالقاهرة في مارس 2019 وقادت إلى تشكيل مجلس مشترك للدول الثلاث.

وعُقدت القمة الثانية بالولايات المتحدة الأمريكية في أيلول 2019، أما الثالثة فكانت بعمان في آب 2020، والرابعة ببغداد في حزيران 2021، والخامسة في كانون أول 2022.

وأبرمت دول (تحالف الشام الجديد) اتفاقات اقتصادية مشتركة وأخرى ثنائية تتمحور غالبا حول الطاقة والتجارة والاستثمار.

أنبوب نفط (البصرة – العقبة)

يشكّل أنبوب النفط العراقي (البصرة – العقبة)، جدلا في الأوساط العراقية، حيث يتجدد النقاش في كل استقطاب سياسي في العراق.

وقال رئيس مجلس النواب، احمد الصفدي، قبل أسابيع: “تلقينا وعوداً صادقة بقرب تنفيذ مشروع أنبوب النفط من البصرة إلى العقبة ولم نسمع أي اعتراض من مختلف القوى السياسية العراقية، كما شعرنا برغبة عراقية بالغة بإقامة المدينة الصناعية المشتركة، وتنفيذ مشاريع الربط الكهربائي المشترك”.

وفي الوقت الذي أكّد فيه الصفدي المضي في المشروع، تحدث النائب في البرلمان العراقي عن قوى “الإطار التنسيقي”، مصطفى سند، في تصريح تلفزيوني، عن فحوى لقائه بأعضاء الوفد البرلماني الذي ترأسه الصفدي خلال زيارته قبل أسابع إلى بغداد.

وقال سند إنه أخبر البرلمان العراقي بـ”رفض هذا المشروع”، مشيرا “أن الذين وافقوا على المشروع ينطبق عليهم مثل (وهب الأمير ما لا يملك)”.

وتعليقاً على التصعيد الرافض للمضي بالمشروع، أشار القيادي بميليشيا “النجباء”، حيدر اللامي، أن “المشروع لن يخدم العراق.

ويستهدف مشروع أنبوب البصرة العقبة تصدير مليون برميل من النفط العراقي الخام باتجاه ميناء العقبة على البحر الأحمر، في محاولة لتنويع العراق منافذ التصدير الحالية لديه، غير موانئ البصرة على مياه الخليج، والأنبوب العراقي الواصل إلى ميناء جيهان التركي.

ويتضمن المشروع مد أنبوب بطول 1665 كيلومتراً، من حقول البصرة أقصى جنوبي العراق، إلى ميناء العقبة، وبطاقة تصدير أولية تبلغ مليون برميل يومياً.

كما يمنح العراق الأردن حق شراء 150 ألف برميل يومياً بسعر مخفض عن الأسعار العالمية للنفط.

وتقدر كلفة بناء الأنبوب بنحو 8.5 مليارات دولار، تقع أغلبها على الشركة التي ستقوم باستثماره.

وشهدت العلاقات الأردنية العراقية مؤخرا حراكا متواصلا على الصعيد السياسي الدبلوماسي والاقتصادي، كان آخرها اجتماعات مكثفة عُقدت في بغداد ضمن فعاليات منتدى الأعمال تحت شعار “الشراكة من أجل المستقبل”.

وناقش المنتدون أولويات التكامل الاقتصادي بين البلدين، وفي مقدمتها المدينة الاقتصادية المشتركة ومشروع الربط الكهربائي وخط أنبوب النفط (البصرة – للعقبة) وتعزيز الأمن الغذائي وسلاسل التوريد، والتكامل في مجال التصنيع.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات