أخبار حياة – قالت منظمة “كير” العالميّة في “تقييم الاحتياجات السنوي في الأردن لعام 2022” الذي أطلقته أمس، إن الفئات الأضعف باتت تتعرض لضغوط اقتصادية كبيرة لاستمرار انعكاسات جائحة كورونا.
وبيّنت في التقييم الذي حمل لهذا العام عنوان “التكيّف وسط المحن -12 عاما على الأزمة”، أن الفئات الأكثر ضعفاً في الاردن، تعاني من أزمة تصاعد العنف واستمرار تحديات الصحة العقليّة.
وبين أنّه برغم دخول مرحلة “ما بعد الجائحة” العام الماضي، فإن أكثر الفئات ضعفاً تتعرض لضغوط اقتصادية كبيرة، ما لتفاقم أوجه عدم المساواة القائمة بين الأكثر عرضة للخطر، وأدّى لفقدان أرضية تمكين النساء والفتيات، وزيادة المشقة والعوز والتوجه لاستراتيجيات المواجهة السلبية، ولجوء لأسر للمديونية، وزيادة الاعتماد على المساعدة الإنسانية.
وتعاني أكثر الفئات ضعفاً وعرضة للمخاطر في الأردن، من أزمة تصاعد العنف واستمرار تحديات الصحة العقلية، إذ أشارت الدراسة لازدياد أنواع العنف منذ العام الماضي نتيجة للتأثير السلبي بعيد الأمد على الاستقرار الاقتصادي وتكلفة المعيشة.
ووفقا لـ”كير”، فإنّ 43 % من الأسر عبّرت عن مواجهتها شكلا من العنف العام الماضي، مقارنة بـ22 % في عام 2021، بالإضافة لارتفاع معدل حدوث العنف الاقتصادي المبلغ عنه من 10 % إلى 22 % بين الأسر في العامين الماضيين.
ونبهت الى مؤشّر المشاعر السلبية (الغضب واللامبالاة والخوف واليأس والاضطراب)، إذ أشار تقييمها الى انّ الصحة العقلية والرفاهية، شهدت تدهورًا بين عامي 2021 و2022 (برغم تحسنها بشكل عام منذ بداية أزمة تفشي فيروس كوفيد 19 في عام 2020).
واكتشف فريق تقييم الاحتياجات السنوية، أن المخاوف المتعلقة بتغير المناخ والإجهاد الناجم عن الضغوطات الاقتصادية، كانت شائعة.
وذكر أنّ أطفال اللاجئين، يواجهون تحديات انفعالية، كما يواجه الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة والأطفال اللاجئون من دول غير سورية، مشكلات ناجمة عن التمييز والتنمر والعنصرية، وعدم تلقى قرابة 32 % من الأولاد و30 % من البنات، تعليمهم في المدارس.
وأشار الى انّ الأطفال اللاجئين، ما يزالون يتخلفون عن المدرسة بشكل أكبر، مقارنة بأقرانهم الأردن، فـ57 % فقط من الطلبة العراقيين و48 % من الطلبة السوريين و54 % من الطلبة اللاجئين من حملة الجنسيات الأخرى، هم في المستوى التعليمي المناسب لفئتهم العمرية مقارنة بـ90 % من أقرانهم الأردنيين.
وبرغم ذلك، يبدو بأن الاستثمارات بدمج اللاجئين وطالبي اللجوء في الغرف الصفية، والتغلب على مشكلات النزوح والمعوقات الأخرى، باتت نتائجها تؤتي ثمارها، مضيفا أن غالبية الأُسر باتت تكافح لتغطية مصروفاتها وتكاليف معيشتها مع معاناة قرابة 9 من أصل 10 (88 %) من أعباء الديون وتصاعد مستويات الدين لدى المجموعات التي تنتمي لجنسيات مختلفة.
كما تستمر ريادة الأعمال، إحدى استراتيجيات زيادة دخل الأسرة، والتي تقتصر على أقلية صغيرة فقط من اللاجئين والأردنيين المستضعفين، والأكثر عرضة للمخاطر.
ومن بين 2540 أسرة شملها الاستطلاع، يمتلك 41 فقط (1.6 %) أعمالهم التجارية الخاصة، وهذه نسبة مشابهة لما كانت عليه في الأعوام 2021 و2020.
وقال التقييم، إنّ تكاليف الغذاء والسكن آخذة في الارتفاع، مشيرا لارتفاع متوسط الإنفاق الشهري للأسرة السورية على الغذاء لـ11 % عام 2021 إلى 2022، علاوة على ذلك، دفع الأردنيون 10 % إضافية على السكن والخدمات في المتوسط العام الماضي مقارنة بسابقه.
واضاف، أنّ اعتماد العائلات على المساعدة الإنسانية، ازداد مع مرور الوقت، ففي عام 2020، أفاد 17 % من الأردنيين بحصولهم على مساعدات مالية من جهات فاعلة إنسانية كمصدر دخل أساسي لهم، لكن في العام الماضي ارتفعت لـ30 %، وفي الوقت ذاته، ارتفع معدل اعتماد اللاجئين السوريين على المساعدات المالية من 16 % عام 2020 إلى 42 % عام 2022.
وألمح التقييم لتضاؤل احتمالية مشاركة النساء في القوى العاملة مدفوعة الأجر، مقارنة بالرجال، مع الاشارة الى انّ معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة بالأردن، يعتبر من أدنى المعدلات في العالم، بحيث كانت وظيفة “ربة منزل” هي الإجابة التي تقدمها النساء اللواتي قدمن إجاباتهن في الاستبيان بنسبة 62 %.
وتوصل التقييم، الى أنه كانت هناك مكاسب صغيرة بالمساواة بين الجنسين، إذ يشار الى أنّه في التقييم السابق عام 2020، كان نسبة من أيّد جملة “إنه لأمر مخز للعائلة، أن تعمل المرأة نحو 14 % وقد انخفضت هذه النسبة إلى 11 % في 2021 والى 9 % العام الماضي.
وأوصت “كير” في تقييمها بخفض اعتماد اللاجئين على المساعدات، لتلبية احتياجاتهم الأساسية عبر فتح مزيد من القطاعات والمهن لهم، بغض النظر عن أصولهم، كما أكدت الاحتفاظ بالزخم لفرض السياسات والممارسات التي تعزز المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة على جميع المستويات.
ودعت لتعزيز الحماية القانونية وحق حصول الفئات الأكثر استضعافًا وعرضة للمخاطر من السكان على العدالة، لا سيما بشأن حقوق وظروف عملهم في القطاعات غير الرسميّة، مع التأكيد على ضرورة الارتقاء بمستوى الوعي وإمكانية الحصول على الإعفاءات من الرسوم المدرسية المتاحة للفئات الأكثر استضعافًا وعرضة للمخاطر، بغض النظر عن جنسياتها، والإسراع باعتماد نهج “لاجئ واحد” لضمان حصول اللاجئين في الأردن، ولا سيما غير السوريين على الخدمات والمساعدة، على أساس مستوى شدة ضعفهم وتعرضهم للمخاطر.
واكدت على ضرورة دمج مناهج تغيير السلوك ذات الصلة بالمساواة بين الجنسين، وعلاقات القوة القائمة على أساس الجنس، والحياة الصحية التي تعالج أيضا الأسباب الكامنة وراء العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وأشارت الى الحد من التمويل الضار، والاقتراض الذي لا يمكن تحمله، والمقرضين غير الرسميين، والديون، بقصد الاستهلاك عبر تحسين الثقافة المالية للأردنيين واللاجئين، وتشجيع الادخار والحصول على القروض من الأصدقاء والعائلة والشبكات الاجتماعية.
وفي ضوء مواجهة الأردن للعديد من الصدمات والضغوطات المرتبطة بالتغير المناخي، بما في ذلك الزيادات الكبيرة على درجات الحرارة، وانخفاض هطول الأمطار، وزيادة حالات الجفاف، قالت الدراسة إنّ هناك حاجة تستدعي دمج مناهج التغير المناخي والوعي البيئي في نظام التعليم، لزيادة المعرفة العامة والوعي بكيفية وآليات التكيف معه والتخفيف من تأثيراته.
وأكدت تعزيز الاستراتيجيات الوطنية الخاصة بالوقاية والتخفيف من الأحداث المستقبلية ذات الصلة بالمناخ وتغييراته، بما في ذلك شبكات الأمان لقطاعات العمل المتأثرة به كالقطاع الزراعي.
ودعت لزيادة توفير التمويل متعدد السنوات والتعافي المبكر، والتمويل المرتكز على التنمية لبرامج اللاجئين والمجتمعات المضيفة، استكمالاً لأنشطة التمويل الإنساني القائم على الاحتياجات، وضمان توفير المصادر الكافية للأنشطة، ضمن إطار عمل العلاقة بين العمل الإنساني والتنمية، المرتكزة على منهجية “لاجئ واحد”.
وشددت على تمويل المنظمات غير الحكومية، بخاصة منظمات النساء وحقوق المرأة واللاجئين، لتلبية الاحتياجات الأساسية الآنية، وتعزيز الانتعاش الاقتصادي طويل الأمد، واعتماد اللاجئين على أنفسهم في الأردن، بما في ذلك الدعم الفوري والطويل الأمد لرواد الأعمال.
كما كان هناك توصيات، استهدفت الجهات الفاعلة الرئيسية العاملة في المجالين الإنساني والإنمائي وطنيا ودوليا، إذ جرى التأكيد على تعزيز الاشتمال المالي، والاستمرار بدعم البرامج التي تعزز الاهتمام والتركيز على فئات العمال الأكثر استضعافًا وعرضة للمخاطر، كبرنامج استدامة لمؤسسة الضمان، لتوفير الحماية الاجتماعية، بتوسيع نطاق حقوق الحماية الاجتماعية، والوصول لدعم الدخل والتسجيل في نظام الضمان لعدد أكبر من العاملين الذكور والإناث، ممن ينتمون للفئات الأكثر استضعافًا.
كما دعت لمعالجة المعوقات التي تحول دون بدء الأعمال التجارية، عبر تعزيز الوصول للأصول كالمواد والمعدات، والتمويل. وتحسين الفهم والارتقاء بالوعي بقطاع التكنولوجيا واقتصاد الوظائف المؤقتة، كفرص عمل، وزيادة الوعي بشأن الفوائد والمخاطر المحتملة، مع تخفيف القيود التي تُمارس على الأنشطة المدرة للدخل في مخيمات اللاجئين بالأردن، وتحسين روابط السوق بين مخيمات اللاجئين والاقتصاد على مستوى الدولة.