أخبار حياة – يرى خبراء وحقوقيون أن إقرار التعديلات التشريعية على قانون العمل، جاء وفق “ما يتناسب مع توجهات الحكومة، وليس كما دعت إليه النقابات المهنية والعمالية ومراكز الدراسات والأبحاث”.
وأكدت لجنة العمل النيابية بدورها “أن التعديلات التي تخص أي قانون “تأتينا من الحكومة ونناقشها ولا يحق نقاش مواد أخرى من القانون لم ترد منها”.
وأكد الخبراء التعديلات “مجزوءة ولم تتم من خلال حوار وطني اجتماعي حقيقي”، مشيرين إلى أن الحكومة “غضت النظر عن جميع المطالبات بسحب التعديلات وفتح باب المناقشات مع جميع الأطراف”.
وبينوا أن الإيجابية في بعض التعديلات “اقتصرت على المادة الخاصة بعقوبة المتحرش في العمل وعدم التمييز بين الجنسين”.
وفي هذا الصدد، أظهر بيت العمال الأردني أن عدد القوانين المعدلة لقانون العمل بلغ 12 قانونا منذ صدور القانون الأصلي العام 1996، وشملت التعديلات مواضيع متعددة، منها: شؤون العمال غير الأردنيين، واللجنة الثلاثية لشؤون العمل، وعمل المرأة والأحداث، والأجور، وسلطة الأجور ومحاكم الصلح، والعمل المرن والعمل الجزئي، والتمييز في الأجور، إضافة إلى العمال ذوي الإعاقة، والفصل التعسفي وعقد العمل الجماعي، والإجازات، والنقابات العمالية.
وكان مجلس النواب أقر أخيرا مشروع القانون المعدل لقانون العمل لسنة 2023، الذي ينظم استقدام العمالة الوافدة، ويتضمن نصا يغرم المتحرش جنسيا في مكان العمال بين 2000 إلى 5000 دينار.
وفي السياق، قال عضو لجنة العمل النيابية سالم العمري لـ “الغد” إن التعديلات التي تخص أي قانون “تأتينا من الحكومة ونناقشها ولا يحق نقاش مواد أخرى من القانون لم ترد منها”.
وبين العمري أن التعديلات التي تم طرحها على المجلس تتعلق بتوفير بيئة عمل مناسبة للمرأة.
وقال: “نحن نناقش ما يطرح علينا من التعديلات. ولا يجيز الدستور للمجلس أن يطالب الحكومة بتغيير القانون”.
وبين أنه يحق لمجلس النواب فتح قانون للتعديل بالتصويت والرأي للأغلبية، ولكن تاريخيا لم يتم التصويت على هذا الأمر.
أما الناشط وناشر موقع الراصد النقابي لعمال الأردن “رنان”، حاتم قطيش، فقال إنه “منذ الإعلان عن تعديلات القانون كانت المطالبة الرئيسة للجميع سحب هذه التعديلات المجزوءة وفتح قانون العمل لحوار اجتماعي حقيقي يعالج كافة الاختلالات الموجودة، وخاصة تلك التي تم إقرارها في تعديلات 2019 كتوسيع صلاحيات الوزير على حساب القضاء فيما يتعلق بحل الهيئات الإدارية للنقابات”.
وبين قطيش أن هناك مواد كثيرة أقرت في تعديلات 2019 تمس الحريات النقابية كحصر حق المفاوضة الجماعية بالنقابات العمالية، وسلبها من “مجموعة من العمال”، كذلك مست تعديلات 2019 بحرية النقابات العمالية بوضع وتعديل أنظمتها الداخلية، إذ اشترطت مصادقة وزارة العمل عليها، وغيرها الكثير.. ما يؤكد أن قانون العمل يتطلب اعادة صياغة كاملة وليس تعديلات مجزوءة.
وأضاف أن التعديلات، ومع وجود بعض المواد الايجابية التي تم تحقيقها خاصة فيما يتعلق بالعمل المرن والحضانات ومكافحة التحرش، إلا أن هناك تعديلات أخرى تعتبر “تراجعا في الحريات النقابية، ونزع الصلاحيات من القضاء ومنحها للوزير، ناهيك بأن المواد التي وصفت بالإيجابية كانت بنظر العديد من الحقوقيين والمهتمين بالشأن العمالي إيجابية من حيث المبدأ لكنها لم تصغ بإحكام، حيث شابها القصور في الصياغة”.
وأشار قطيش إلى أنه “فور إقرار هذه التعديلات كانت ردات الفعل السلبية هي السائدة، والبيانات المنددة والمعترضة هي الرائجة، وتلبدت سماء سوق العمل أكثر وعاد الجميع الى نقطة الصفر والمطالبة بإجراء تعديلات شاملة وحقيقية وعادلة على قانون العمل”.
بدوره، قال مدير مركز الفنيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض إن الحكومة “للأسف استطاعت صياغة تعديلات قانون العمل على هواها، وذلك بالرغم من اقتراحنا برد التعديلات، حيث قدما العديد من الملاحظات والمذكرات إلى مجلس النواب حول هذا الأمر”.
وأشار إلى أنه جرت العديد من التعديلات على قانون العمل خلال السنوات القليلة الماضية، و”القليل منها كان اصلاحيا، والكثير منها كان تراجعا عن إنجازات تم تحقيقها للعاملين في الأردن خلال العقود الماضية، ما أدى وسيؤدي إلى إحداث تشوهات على واحد من أهم القوانين الأردنية”.
وبين أن “العديد من التعديلات التي جرت على القانون خلال السنوات القليلة الماضية كانت عشوائية، ومست وانتقصت من حقوق العاملين بأجر في الأردن، وخالفت أيضا التزامات الأردن الدولية الواردة في العديد من المعاهدات الدولية واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادق عليها الأردن سابقا”.
وأوضح أنه “ما زال قانون العمل الحالي وفي المادة رقم (3) منه يستثني عمال الزراعة من الحمايات التي يوفرها القانون، رغم وجود عشرات الآلاف من العاملين والعاملات في هذا القطاع، والذين يعانون بشكل كبير من عمليات الحرمان والاستغلال بسبب عدم شمولهم في قانون العمل، وكانت الحكومات السابقة تعلن وبشكل دائم عن نيتها إصدار نظام خاص ينظم شمول العاملين في الزراعة بأحكام القانون، الا أنها تلكأت في ذلك حتى الآن”.
وبين أنه “ما زال قانون العمل يفتح المجال واسعا أمام ممارسة العمل الجبري (العمل القسري) على قطاعات واسعة من العاملين والعاملات في الأردن، اذ تستثني المادة (58) منه جميع العاملين بمهن الإشراف العام على المؤسسات وإدارتها، والعاملين الذين تتطلب أعمالهم التنقل داخل وخارج المملكة من الحصول على بدل العمل الإضافي، مهما بلغت ساعات عملهم”.
وأضاف: “كذلك يتضمن قانون العمل الحالي العديد من المواد غير العادلة مثل الحرمان من حق التنظيم النقابي للغالبية الكبيرة من العاملين، وفرض قيود واضحة على هذا الحق، وكذلك حرمانهم من المفاوضة الجماعية لتحسين شروط عملهم مع إدارات المؤسسات وأصحاب الأعمال”.
ورأى عوض أن “استمرار العمل بهذا القانون بشكله الحالي- وحتى بعد التعديلات- أدى وسيؤدي إلى إضعاف شروط العمل في القطاع الخاص، ما سينشأ عنه توسع مساحات الفقر والتهميش ليس فقط لغير العاملين، بل للعاملين أنفسهم بسبب ضعف شروط العمل، وسيستمر في دفع شبابنا ذكورا وإناثا للمطالبة بالعمل في القطاع العام الذي يوفر شروط عمل أفضل بكثير من القطاع الخاص، وجميعنا يعلم أن القطاع العام شبه مشبع بالعاملين”. (الغد)