بلال حسن التل
بانتقاله إلى الرفيق الاعلى، انكشف رصيد النائب يسار الخصاونة، فاذا هو فاحش الثراء، صاحب ثروة يحسد عليها، وهي ثروة لا يستطيع جمعها إلا أولو البأس والعزم الشديدين، العاملين على تنميتها اناء الليل وأطراف النهار، وكذلك كان المرحوم بإذن الله يسار وهو ينمي ثروته من العمل الصالح، سعيا في حاجات الناس وإصلاح ذات بينهم، وهي مهمة شاقة تحتاج إلى من يلقى قبولا عند الناس، وينال ثقتهم به، وأن يكون قادرا على استيعابهم، صبورا على تقلباتهم، مستوعبا لتناقضاتهم وتقلب أمزجتهم، وقد كان يسار كذلك، كما كان مسارعا لإغاثة الملهوف من?م، فخيم الحزن عليهم يوم وفاته، وانبسطت أكفهم بالدعاء له، وبالشهادة أنه كان ينفق بيمينه مالا تعلمه شماله، وأنه كان محبا صادقا ذا همة، صاحب موقف، برلماني صلب، قريب من القلب، على خلق عف اللسان، مثقف ووطني غيور، وهي صفات لا يستطيع الثبات عليها إلا القادرون على السير في طريق ذات الشوكة، مقاومة لشهوات النفس ورغباتها، صابرين على محن الحياة وبلاياها، وقد صبر يسار عليها عندما فجع بأبنائه، وصبر عليها عندما ابتلي بالمرض، واطمأن لقضاء الله، بل لعله كان ينعى نفسه مطمئنا عندما كتب: «من هي النفس المطمئنة التي خاطبها الرح?ن الرحيم، هي التي إذا رضيت اطمأنت، وإذا صبرت اطمأنت، وإذا دعت بالخير لها ولغيرها اطمأنت، وإذا لانت اطمأنت اللهم اجعلنا ممن دعوتهم إليك من عبادك نحن ومن نحب» رحم الله يسار فقد فاز بحب الناس فادعوا له لينال رحمة الله ورضوانه ومحبته.
أما نحن فكعادتنا، غالبا لا نعرف قدر الرجال ونعمة وجودهم بيننا الا عندما نفقدهم، تماما مثلما لانعرف قيمة صحتنا إلا عند مرضنا، وها نحن برحيل يسار الخصاونة رحمه الله، نتذكر انه كان بيننا مفكرا وكاتبا ومثقفا وقبل ذلك إنسانا رحمة الله أولى به منا.