الدكتور محمد المسفر يكتب..  دلالات الاحتفالات الشعبية الأردنية بزواج ولي العهد

بدعوة ملكية كريمة كان لي شرف مشاركة العائلة الملكية الهاشمية والشعب الأردني الشقيق افراح الاسرة الأردنية عامة بزفاف ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني بن الحسين على رجوة ال سيف (سعودية)، وتوقفت اولا عند البحث في معنى اسم “رجوة” في اللغة العربية فوجدت انه يعني (الأمنية الوحيدة، أي لا غيرها، وتعني أيضا الامل، كما تعني الرجاء) رحت ابحث عن كيفية التعارف بين فتاة سعودية وأمير هاشمي من الأردن تفصل بينهما البراري والقفار فكانت وسيلة التعارف فتاة زاملت الأمير الحسين إبان دراسته وقربت بينهما كما اعترف بذلك سمو الأمير ولي العهد.

(2)

الأردن الشقيق تعتصره العواصف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكنه يقف شامخا في وجه كل التحديات بفعل الوحدة الوطنية وصلابة الجبهة الداخلية وقوة امنية متماسكة في مواجهة العواصف القادمة من الخارج، وعلى قمة هذا النسيج الاجتماعي الاردني يتربع ملك هاشمي على العرش الذي يعتبر ضمانة مفتوحة لاستقرار الأردن على كل الصعد.

ويتميز ملوك الأردن منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946م بالتسامح مع كل عواصف الداخل فلم يعدم معارض للنظام ولم تطل فترة اعتقالهم مقارنة بأنظمة سياسية عربية، ان النظام الأردني أبا عن جد يتصف بالمروءة والكرم وتغليب مبدأ التسامح على مبدأ الانتقام والبطش، استدعي من الذاكرة بعض القيادات المدنية والعسكرية التي وقفت في وجه الملك حسين “طيب الله ثراه” وفر بعضهم الى القاهرة وزحف الاخر نحو سورية خوفا من بطشه بعد ان تكشف امرهم والبعض تم اعتقاله ولكل حالة اسبابها “اذكر منهم عبدالله التل، علي أبو نوار، محمود الحوسي ومحمود الرويسان”، كما ان البعض حكم عليه بالسجن ولكن رحابة صدور حكام الأردن لم يمكث منهم في المنفى الاختياري او الاعتقال فترات طويلة، سرعان ما أصدر الملك حسين – رحمه الله – عفوا عنهم وعادوا الى الأردن وعيّنهم في وظائف مرموقة، واذكر ما حدث للمناضل المعارض الأردني المعروف ليث شبيلات عندما اعتقلته القوى الأمنية وحكم عليه بالسجن لأسباب سياسية واستجابة لأم ليث التي هاتفت الملك حسين بأن الامن يمنعها من زيارة ابنها في السجن فوعدها الملك خيرا وذهب شخصيا الى السجن واصطحب ليث في سيارته التي كان يقودها بنفسه الى منزل والدة ليث واصدر عفوا عن بقية رفاق ليث الذين هم رهن الاعتقال، والحق ان الملك حسين – رحمه الله – حكم قرابة أربعين عاما، وواجه اكثر من 30 حالة انقلاب ومحاولات اغتيال تزيد عن عشرين حالة، لكنه واجه كل من تآمر عليه شخصيا او تطاول عليه باللسان او حاول زعزعة النظام السياسي بالعفو العام والتسامح ولم يأمر بإعدام أي أردني، رحم الله الملك حسين.

والملك عبدالله الثاني لا يقل عن والده تسامحا مع افراد شعبه فعندما علم عبر وسائل الاتصال الاجتماعي ان فتاة اردنية قالت لرجال الامن في فترة حظر التجول أثناء الوباء وهي في مشاجرة مع رجال الامن قالت “أبي عندي احسن من الملك اصطحبها رجال الامن الى مقرهم لاتخاذ إجراءات عقابية ضدها، فما كان من الملك عبدالله الثاني إلا ان اتصل بالفتاة وشكرها على حب والدها وامر بإطلاق سراحها، وهكذا يفعل الملوك.

(3)

والحق ان الشعب الأردني في العاصمة عمان والمدن الكبرى لمن لم يستطع الوصول الى العاصمة عمان احتفل بهذه المناسبة الاجتماعية الخالدة. كنت اسير في موكب وأرى الناس على قارعة الطريق مصطفين ينتظرون مرور موكب العروسين وهما في موكب ملكي مهيب واقفان في سيارة مكشوفة يحيون تلك الجماهير المصطفة على جانبي الطريق، حقا انها في تقديري بيعة شعبية جديدة للعرش الملكي الأردني الهاشمي وبيعة خاصة لسمو ولي العهد الحسين بن عبدالله الثاني، فهنيئا لنظام حكم يحتفل الشعب بأفراحه كما فعل الشعب الأردني الشقيق.

(4)

قطر شاركت في احتفالات العرس الملكي في الأردن وشاركت سمو الشيخة موزا والدة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كما قدم التهاني لملك الأردن وولي عهده سعادة الشيخ خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني نيابة عن سمو أمير البلاد المفدى مع اكثر من 1700 ضيف من الملوك والأمراء ورؤساء دول ورؤساء حكومات وقامات عربية ودولية مرموقة الى جانب قامات أردنية قيادية وشعبية. لم ينشغل المجتمع الاردني بحضور سلطان بروناي، ملك هولندا، وملك ماليزيا وملك بلجيكا، والسيدة الامريكية الأولى زوجة الرئيس الأمريكي بايدن، وحرم الرئيس المصري السيسي وغيرهم من اميرات وامراء من اليابان حتى الخليج العربي كما انشغل بوجود سمو الشيخة موزا، لقد جذب وجود سموها الأضواء في المجتمع الأردني، لقد كان لمشاركتها اثر بالغ في نفوس الكثير ممن التقيت بهم في عمّان، كانت مشاركتها حديث كل المجالس التي حضرتها بدون استثناء ويقيني بأن سموها شعرت بدفء المحبة وحرارة الاستقبال من الذات الملكية الأردنية. في كثير من اللقاءات التي قدر لي حضورها في عمان كان هناك اشادة بجهود سموها في خدمة المجتمع القطري، ونشاطها المنقطع النظير في مجال التعليم والرعاية الصحية وغير ذلك من الأنشطة الإنسانية عبر العالم، وكان هناك مقارنات بين سموها وغيرها من سيدات الاسر الحاكمة في الوطن العربي، وكان هناك اجماع بين كل من التقيت بهم ودار الحديث عن مشاركة سموها في افراح الأردن على المحبة والاشادة بها والثناء على شخصها من ناحية وعلى الإشادة بالعلاقات القطرية الأردنية بوجه عام.

اخر القول: ان احتفال الشعب الأردني بزفاف ولي العهد سمو الأمير حسين كان بمثابة تجديد البيعة “لمؤسسة العرش” الهاشمي في الأردن، حفظ الله الأردن من عاديات الزمان وأدام عليه الامن والرخاء والاستقرار.. وزواجا سعيدا.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات