أراضي الخزينة!

عصام قضماني

٨٠٪ من أراض المملكة مملوكة لخزينة الدولة تملك الحكومة حق بيعها أو تأجيرها أو وهبها لمواطنيها لكن السؤال ظل دائما يدور حول كيفية تحريكها واستعمالها؟.

كان دائما هناك تشابك قانوني متعارض ومتشابك يعيق استغلال هذه الاراضي وكانت هناك دائما شكوك تحيط خطوات الحكومات في هذا الاتجاه بعضها واقعي لكن اكثرها ليس كذلك.

المهم في القوانين هو ازالة المعيقات وتسهيل حياة المواطنين لكن الاهم هو توفر عنصر الشفافية في تطبيقها.

الأراضي خارج حدود الملكيات الخاصة تقع في صنفين, الأول أراضي يملكها سكان المناطق بوضع اليد تحت ما يسمى بالاستفادة من حوافز التطوير الزراعي، أما الثاني فهي أراض أطلق عليها اسم الواجهات العشائرية, وظلت هذه الصفة متوارثة عبر الأجيال، بينما بقيت الأراضي مسجلة باسم الخزينة.

بعيدا عن جدلية الواجهات أو أراضي الخزينة، لا بد من الإجابة عن سؤال الحقوق فيها، أهي للخزينة أم لأصحاب الواجهات، فلا مصلحة في استمرار الوضع على ما هو عليه تماما فقد كان من الضروري توحيد وتجميع القوانين الخاصة بالاراضي والعقار في قانون واحد.

لا يضير الدولة تفويض أراضي الخزينة لغايات استثمارية على مستوى أفراد أو مؤسسات أو شركات بدلا من بقائها جامدة.

بقدر اهمية جهات التفويض هناك ما هو اكثر اهمية وهو تنظيم هذا التفويض بقانون الذي ان طبق في شفافية فذلك سيجيب عن كل التساؤلات وينهي الجدل.

ملكية الخزينة للأراضي تعتبر من النسب العالية جداً مقارنة بدول أخرى لا تصل ملكية الحكومات فيها الى 30%.

فكرت حكومات سابقة في طرح هذه الأراضي للإستثمار المحلي والعربي والدولي لكنها اصطدمت بسيل من الإنتقادات ومعارضة بعثت قصة قديمة جديدة من قمقمها اسمها الواجهات العشائرية وحجج أخرى ليس أقلها التفريط في المقدرات.

كاتب هذا المقال كان عضوا في لجنة الحوار الإقتصادي التي شكلها رئيس الوزراء الاسبق الدكتور هاني الملقي عندما كان وزيرا للصناعة والتجارة وقد أوصت اللجنة بتكليف جهة حكومية مهمتها إدارة أراضي الدولة واستثمارها من خلال تفويضها أو تأجيرها للمشاريع الإستثمارية.

اللجنة آنذاك لم تتوسع في إيضاح دواعي هذه التوصية، لكنها بالتأكيد كانت تعي أهميتها البالغة في ظل الجدل الذي لم يحسم حول ما يسمى ببيع وتفويض أراضي الخزينة لمستثمرين محليين أو خارجيين، فمن جهة هناك من يعتبر هذه الأراضي واجهات عشائرية وهناك من يرد ملكيتها الى خزينة الدولة.

ترك الموضوع برمته ولم يقترب أحد لحسم هذه المسألة في إطار قانوني أو سياسي أو غير ذلك للإجابة عن سؤال الحقوق في هذه الاراضي، للخزينة أم لاصحاب الواجهات، فلا مصلحة في استمرار الوضع الراهن، إذ لا يمكن لأي مستثمر أن يخطو خطوة واحدة بإتجاه المجهول.

استغلال أو استثمار هذه الاراضي ليس من المحرمات شريطة أن يتم وفق ألية واضحة وشفافة ومفهومة تقطع الطريق على الإنتهازية السياسية التي تتخذ منها منصة لرجم الدولة وعلى أكتافها نشأت تجمعات تطلق على نفسها تارة «استعادة الأراضي المستملكة» وتارة أخرى «استعادة الواجهات العشائرية» لتصبح فرصة كبيرة لتنمية موارد إضافية للمالية العامة التي تواجه أزمة خانقة بدلا من فرض ضرائب جديدة والعيش مع العجز الى الأبد وفي الوقت ذاته تخلق مشاريع تنموية عقارية أو خدمية توفر فرص عمل لآلاف العاطلين وتخفف من تكدس الناس في رقعة محددة وتوقف هذا السيل غير المنقطع من الأزمات في السكن والمرور والخدمات.

تحريك أصول معطلة هو تحريك لمياه الموارد الراكدة، بما يحقق فوائد إقتصادية مهمة في ظرف إقتصادي صعب.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات