أخبار حياة – يعتبر وزير السياحة والأثار مكرم القيسي سنة 2023؛ سنة سياحية بإمتياز لتخطيها الأرقام المسجلة في سنوات 2019 و2022، لارتفاع الأرقام في مناطق سياحية معروفة إلى 80%، فيما المناطق غير المعروفة؛ وإن تكن لا تقل أهمية، تجاوز عدد زوارها 1000%.
وقال القيسي إن الأردن وصل إلى أرقامه السياحية التي كانت تسجل قبل جائحة كورونا، خاصة في عام 2019 أفضل السنوات سياحيًا بلغة الأرقام، وفق ما حددته منظمة السياحة العالمية، حيث اختارتها سنة الأساس لقياس مؤشرات التدفق السياحي “الدخل السياحي وعدد الزوار”.
وأضاف القيسي أن القطاع السياحي يوفر 56 ألف وظيفة مباشرة، وهو من أكثر القطاعات التي تشغل أردنيين بنسبة 85%، ونسبة الإناث ارتفعت من صفر إلى 20% قبل سنوات.
المثلث الذهبي وأم الجمال وأم الرصاص
واوضح أن المواقع الأكثر زيارة سياحيًا هي البتراء، إذ يصل عدد زوارها إلى مليون، وفق القيسي، الذي أشار إلى توفر 3400 غرفة فندقية في المنقطة، فيما نحتاج إلى 1000 غرفة فندقية من فئة خمس نجوم لتغطية الطلبات، بينما في رم تكون الحجوزات في بعض المخيمات أحيانًا مكتملة لمدة شهرين.
وقال إن “في الأردن مواقع أخرى لا تقل أهمية عن البتراء مثل أم الجمال في شمال شرق الأردن وقدمنا ملفها للأونيسكو للنظر في إدراجها على لائحة التراث العالمي، وأم الرصاص ايضاً لا تقل أهمية عن أم الجمال، وفيهما كنائس بيزنطية بُني نصفها على أيام الامبراطورية البيزنطية وعندما جاء العباسيون والأمويون لم يحافظوا على الإرث الحضاري والتراثي فحسب، وإنما أيضاً زادوا عليه، وهذا إثبات على التسامح الحقيقي الموجود في العالم العربي، والعالم الإسلامي”.
السياحة الدينية
أوضح الوزير أن الاردن يضم خمسة مواقع يعترف بها الفاتيكان كمواقع للحج المسيحي، وهي المغطس وجبل نيبو ومارالياس وكنيسة السيدة ومكاور حيث قطع رأس يوحنا المعمدان ونعمل على اعادة استكشاف الموقع لترميمه.
وبين أن المغطس أدرج على لائحة التراث العالمي عام 2015. وقال “حصتي كأردني في الموقع الأردني كانت واحد في المئة من عدد سكان، وعندما ضُم إلى لائحة التراث العالمي صارت حصتي كمواطن واحد من سبعة مليار، ولكن مسؤوليتي كوزير للسياحة والاثار للحفاظ على هذا التراث هي مئة في المئة”.
ونوه إلى أن المغطس حالياً من أهم مواقع الحج المسيحي في العالم، فإذا كانت كنيسة المهد هي مكان ميلاد المسيح وكنيسة القيامة مكان قيامته، فإن المغطس هو المكان الذي عمد فيه وانتشرت باسمه المسيحية حول العالم، وربما يصنّف المسيحيون المغطس الموقع الثالث من حيث الاهمية لدى المسيحيين، ولكنني أعتقد أنه الأهم كونه مهد ولادة المسيحية، ويقع هذا الموقع جغرافياً في المملكة الاردنية الهاشمية، الدولة ذات غالبية مسلمة والتي يحكمها ملك هاشمي والحفيد المباشر لنبي الاسلام. وبالتالي هذا البلد ذو الغالبية المسلمة يحكمه ملك مسلم حفيد للرسول يحافظ على هذا الموقع المسيحي، ويحميه ويديره.
وأكد أن “كل دولة تسعى الى زيادة عدد زوار مواقعها التاريخية، عدد زوار هذا المكان نحو 200 ألف، طموحنا أن يزداد سنة 2023، ولكن التوجه الملكي واضح وصارم على ألا نساوم عدد الزوار على أصالة الموقع، ربما لو كان هذا الموقع في بلد آخر لكانوا أقاموا مشاريع استثمارية ومطاعم وأماكن ترفيه، ولكن مثل هذا الأمر مرفوض هنا بناء على توجيه ملكي؛ إذ أمر جلالة الملك بتشكيل هيئة ملكية لإدارة هذا الموقع، وعين مستشاره للشؤون الدينية رئيساً لهذه اللجنة لكي يحافظ على هذا الموقع”.
ونوه إلى أنه “يسأل كثيراً لماذا يزور لورد مثلاً خمسة ملايين ولا يزور المغطس الا 250 ألفاً؟ ما يهمني أنا أن يأتي المسيحي أو المسلم ويزور الموقع ويمشي على خطى المسيح ويسير في نفس المكان الذي عاش فيه وتعمد فيه ونفس المغارة التي عاش فيها يوحنا المعمدان ويراهما كما كانا قبل 2000 سنة. هذا الموقع يقع ضمن مسؤوليتي كدولة ومسؤولية حامل الوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وحامي موقع عماد المسيح، والتطوير سيتم في المنطقة المحاذية للموقع المدرج على لائحة التراث العالمي. ولن يتم الدخول الى الموقع تحت أي ظرف من الظروف، وهناك خطة تطويرية كاملة تشمل ربما متاحف وفنادق وتحفًا شرقية، لاغناء زيارة السائح للموقع”.
وحول الجدل في شأن المكان الحقيقي لموقع عماد المسيح، أوضح القيسي، “زار الاردن أربعة بابوات، وزياراتهم تؤكد أهمية هذا الموقع، وأنه مكان عماد السيد المسيح، بدءاً بالبابا بولس السادس عام 1964، وكان أول حبر أعظم يخرج من روما منذ 1812. الأمر محسوم من الناحية الأركيولوجية ومن ناحية الوثائق ومن ناحية الفاتيكان”.
وعن منسوب مياه النهر، أشار إلى أن “كل الأنهار تراجع منسوبها. انظروا الى الفرات ودجلة. ثمة أسباب عدة لهذه الظاهرة، منها التغير المناخي وسنوات الاستخدام لهذه المياه، وطبعاً هناك الاحتلال الاسرائيلي الذي يحول بعض المجاري التي يفترض أن تصب في هذا النهار الى أماكن أخرى”.
المنافسة السياحية
أوضح الوزير أن المنافسة في كل المجالات مطلوبة، ولكن يجب أن تكون على أسس واضحة، وفي الأردن تنافس بين الكرك ومادبا وبين وادي رم والبتراء وجبل نيبو، لافتًا لوجود تعاون إقليمي قد يؤدي في المستقبل إلى حزمة سياحية يزور بموجبها السائح، الأردن وسوريا وفلسطين والعراق ودول الخليج، في رحلة واحدة.
وأكد أن الأردن قادر على المنافسة لتمتعه بمزايا عدة، كأذرع وزارة السياحة والآثار المتمثلة بهيئة تنشيط السياحية وهيئة الآثار العامة، منوهًا أنه قد لا يتمتع الأردن بقدرات دول أخرى لضخ موارد مالية في الترويج، ولكن بناء الخبرات التراكمية تحتاج إلى وقت.
وبين أن الأردن أدرك مبكراً أهمية السياحة لأننا لا نملك موارد الخليج، والقيادة الهاشمية في الأردن تعلم تماماً أنه بدون موارد طبيعية يجب أن يكون لديك بديل، والبديل الواضح بالنسبة للقيادة كان التركيز على الموارد البشرية، لذلك ركزنا على الطب والهندسة والتعليم والاستشفاء وبناء القدرات في ما يتعلق بآثارنا، الخبرة التراكمية موجودة. وتؤهل إدارة الاثار العامة الفرق الموجودة لترميم بعض المواقع أو إعادة بنائها من دون مساعدة أجنبية. وهذه الخبرة هي عبارة عن عقود من التراكم”.
ميزة أخرى للأردن تكمن في طقسه الذي لا مثيل له في العالم، إلى جانب ذلك كله عناصر الحضارة المتعددة كاللغة، والموسيقى التي تعيد تشكيل الوجدان الثقافي الموسيقي السياحي من خلال وزارة السياحة، وفق القيسي. وفق صحيفة النهار العربي
وزاد “بالإضافة إلى المطبخ الأردني الذي يشكل ثقافة المجتمع، حيث جاءت 5 مطاعم أردنية ضمن قائمة أفضل 50 مطعمًا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث نافست أفخم المطاعم، والإرث الأردني ليس فقط ملموساً. الاردن الدولة الوحيدة التي تسجّل طبقها التقليدي (المنسف) على لوائح الاونيسكو للتراث غير المادي.
اليونيسكو وطموح السياحة العربية
قال “أعطاني عملي في اليونسكو شغفاً لموضوع الآثار، وعملنا على كلفات سياسية أيضا، وفي مقدمها القدس والحفاظ عليها وعلى هويتها انطلاقاً من وصاية الملك على المقدسات الإسلامية والمسيحية”.
وختم، “السياحة العربية دون الطموح، وفي الاردن وصلنا الى مراحل متقدمة لأن السياحة هي نفطنا، استثمرنا في العنصر البشري وفي التدريب، ربما نعاني مشكلة في النقل السياحي الداخلي، ثمة تشريعات لتطويره، ونجري تدريبات، لزيادة أعداد المتدربين ولكن دائماً ليس على حساب النوعية”.