أخبار حياة – عندما رأى ماثيو نوربيري أن حكومة المملكة المتحدة تعلن جائزة تمويلية قيمتها مليون جنيه استرليني للابتكارات في مجال الصحة المهنية، اعتقد أن شركته التكنولوجية الناشئة ستكون متقدما مثاليا لهذه الجائزة.
أسس نوربيري شركة إف سي لابس، التي تطور أجهزة استشعار لتحديد ما إذا كان العامل يفقد تركيزه، ويعطي “تنبيها” عبر أحد التطبيقات بهدف مساعدته على تجنب الحوادث أو الأخطاء.
تستخدم أجهزة الاستشعار، التي يتم إدخالها عادة في قبعات صلبة، ضوءا قريبا من الأشعة تحت الحمراء لقياس تدفق الدم ومستويات الأكسجين في منطقة قشرة الفص الجبهي في الدماغ، ما يساعد على تنظيم التركيز، والأفعال والعواطف.
وأثبت حدس نوربيري صحته، عرض الفوز يعني أن إف سي لابس ستتلقى 96 ألف جنيه استرليني من صندوق المملكة المتحدة، وتخطط لاستخدامها في تطوير نسخة من هذه التكنولوجيا يمكن ارتداؤها على المعصم.
يشرح قائلا، “إن التنبيه الذي توفره المعلومات التي نقدمها – إلى جانب أدوات التقييم الذاتي ووضع العلامات في تطبيقنا – ستعمل على تحسين الوعي الذاتي بالمشكلات المحتملة وتشجيع الاستكشاف والاستفادة من دعم الصحة المهنية”.
يطلب الصندوق الحكومي من المتقدمين إثبات “كيفية تقديمهم تحسينات على الصحة المهنية، وتسخير التكنولوجيا كالذكاء الاصطناعي أو جمع البيانات، لتقديم نتائج صحية أفضل لموظفي الشركات الصغيرة والمتوسطة”.
إنه جزء من حملة حكومة المملكة المتحدة لتوسيع نطاق الوصول إلى خدمات الصحة المهنية وتلبية الطلب المتزايد عليها. حيث يهدف إخصائيو الصحة المهنية إلى تحديد تأثير العمل في الموظفين، والتأكد من بقاء الموظفين مؤهلين للقيام بأدوارهم. في الوقت الحاضر، لا يحصل سوى نصف فئة العاملين على خدمات الصحة المهنية.
يقول توم بورسجلوف، وزير ذوي الاحتياجات الخاصة والصحة والعمل، “تساعد الصحة المهنية الجيدة على فتح قوة عاملة أوسع لأصحاب العمل، ودعم الموظفين الذين لديهم مجموعة من الاحتياجات، ولهذا السبب من المهم جدا أن نعطي الأولوية للابتكار الذي يمكن الوصول إليه واستخدامه لأصحاب العمل والموظفين على حد سواء”.
تأتي جهود الحكومة في وقت فيه أعداد كبيرة بشكل غير عادي من الناس عاطلون عن العمل بسبب اعتلال صحتهم – وفي وقت تكافح فيه خدمة الصحة الوطنية مع قوائم انتظار العلاج الطويلة غير المسبوقة وإضرابات الأطباء الطويلة.
ومن بين المتقدمين الناجحين الآخرين للصندوق شركة لاتوس هيلث. إذ تصنع جهاز فحص صحي عن بعد يتصل بمنصتها يودا.
وتستهدف هذه المنصة الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وتمكن هذه المنصة الموظفين من حجز المواعيد وتخزين الملاحظات حول الأدوية، أو اختبارات السمع والدم. ويمكن للموظفين أيضا إجراء استشارات عبر مكالمات الفيديو مع طبيب سيرشدهم خلال عملية الفحص ذات الصلة وتسجيل البيانات.
يقول جاك لاتوس، مؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي، “لفترة طويلة، كانت صناعة الصحة المهنية تنادي الحكومة لتقول، لنكن جزءا من الحل”. ويقول إن برامج تمويل الجوائز، كبرامج المملكة المتحدة، هي خطوة أولى في فهم كيف يمكن لممارسي الصحة المهنية الحكومية والخاصة العمل معا.
“إنه صندوق جدوى إلى حد كبير في هذه المرحلة مع إتاحة الفرصة، إذا سارت الأمور على ما يرام لمقدمي العطاءات الناجحين في المرحلة الأولى، ليكون لديهم احتمال تجميع مزيد من التمويل للتوسع في المرحلة الثانية”.
يعتقد لاتوس أن كثيرا من الشركات تعتمد على خدمة الصحة الوطنية لمساعدتها على إعادة الموظفين إلى العمل عندما يمرضون، وستكون هناك خدمة أفضل وأسرع إذا تم توفيرها من قبل أصحاب العمل، بشكل سري.
ومع ذلك، لا يتفق كافيه أساناتي، وهو استشاري في الطب المهني وأستاذ زائر في إمبريال كوليدج لندن. حيث يقترح أنه ينبغي للحكومة أن “تنظر في كيفية تمويل الصحة المهنية لتكون في صلب أنشطة خدمة الصحة الوطنية.” فمثلا، يمكن للأطباء الممارسين والأطباء الآخرين إحالة المرضى إلى خدمات الصحة المهنية داخل خدمة الصحة الوطنية.
يقول أساناتي، “لا تتمتع الشركات الصغيرة والمتوسطة بإمكانية وصول جيدة إلى الصحة المهنية، لذلك لا يتوافر للناس إمكانية الوصول إلى الخيارات في الوقت الحالي. كل ذلك يمكن صقله، لكن ينبغي أن تمول الحكومة ذلك”.
كما دعا إلى إجراء تمرين معياري لمقارنة المملكة المتحدة بدول مثل اليابان وفنلندا وإسبانيا – من أجل تحديد طرق تحسين خدمات الصحة المهنية.
ويرى أساناتي أن صندوق الحكومة لأفكار الصحة المهنية المبتكرة يمكن أن يكون نموذجا لمجالات أخرى من الرعاية الصحية. فعبر توفير تدفقات التمويل، لديه القدرة على تعزيز ثقافة الابتكار التي تعالج الاحتياجات الصحية المتطورة وتحسن نتائج المرضى.
ويضيف، “إن تبني التطورات التكنولوجية والبقاء على اطلاع دائم بالاتجاهات الناشئة أمر بالغ الأهمية لمستقبل الصحة المهنية – الأمر الذي يتيح أساليب أكثر نشاطا واستهدافا لحماية وتعزيز رفاهية الموظفين في مكان العمل”.