ماذا بعد صدور قانون مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟

أحمد عوض

تحمل الموافقة الأخيرة على قانون مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في طياتها مجموعة من الفرص والتحديات المحتملة، ما يمكن أن يمثل علامة فارقة في المشهد الاقتصادي والتنموي في الأردن. اذ من المقرر أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ في غضون ثلاثين يوما فقط، الأمر الذي يمكنه الوقوف عند بعض فرص التحديات المتعلقة بآثار تنفيذه.

بذلت المحاولات السابقة المتمثلة بالقوانين التي سبقت هذا القانون للتوسع في مجالات الشراكة في المشاريع بين القطاعين العام والخاص، ولكن النتائج لم تكن مرضية، ويؤمل أن يعمل هذا القانون على تحقيق تقدم ملموس في مجالات الشراكة المنتظرة.

من المحتمل أن يفتح القانون الجديد الأبواب أمام القطاع الخاص للعمل في القطاعات والأنشطة الاقتصادية التي كان يبتعد عن الدخول فيها سابقا، ويمكن لهذا التوسع أن ينشط الاقتصاد عن طريق ضخ استثمارات جديدة واستخدام أساليب مبتكرة في المشاريع المشتركة التي لا تستطيع الحكومة المغامرة باستخدامها.

كذلك يمكن أن يدفع التطبيق الفعال لهذا القانون باتجاه وضع حد لحالة التباطؤ الاقتصادي الذي طال أمده ونعاني منه منذ ما يقارب عقد ونصف. ويمكن أن يوفر دفعة باتجاه جذب استثمارات جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي الشمولي وتنويع مصادره.

ويمكن لهذا القانون، ان تم تنفيذه بكفاءة العمل على خلق فرص عمل جديدة تلتزم بمعايير العمل اللائق، وبالتالي يخفف من ضغوط البطالة، التي ما زالت تحلق عند مستويات مرتفعة جدا وخاصة بين الشباب والنساء.

وفي الوقت الذي يقدم هذا القانون فرصا، فإن تطبيقه يحمل العديد من التحديات، لا سيما فيما يتعلق بالإجراءات الإدارية والضرائب. حيث أن التزام الحكومة بتبسيط العمليات البيروقراطية وخفض الضرائب غير المباشرة ضروري لخلق بيئة مواتية لجذب مشاركة القطاع الخاص.

تدور إحدى نقاط الخلاف حول تقديم الخدمات العامة على النحو المنصوص عليه في القانون الجديد. اذ أعربنا سابقا وما زلنا عن مخاوف من أن توسيع مشاركة القطاع الخاص في الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية والتعليم والأمن يمكن أن يضعف دور الحكومة في ضمان وصول هذه الخدمات الأساسية إلى جميع المواطنين، باعتبارها سلعا عامة، وهي جزء أساسي من مسؤولياتها.

ويتمثل أحد الجوانب المهمة لمشاريع الشراكة الناجحة في تكامل مبادئ الحكم الرشيد. بينما يسلط القانون الضوء على أهمية ذلك في بعض مواده، فإن على الأنظمة والتعليمات التي سيتم اصدارها بموجب القانون أن تتناول بالتفصيل أكثر مواضيع المساءلة والشفافية وإدارة تضارب المصالح والإفصاح عن المعلومات باعتبارها مكونات اساسية تحتاج إلى مزيد من التفصيل بشأنها.

من الاعتبارات المهمة التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند اصدار الأنظمة والتعليمات بموجب هذا القانون، إعطاء الشركات الوطنية أفضلية عند تنفيذ مشاريع الشراكة.

في الختام، فإن إقرار قانون مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص الجديد يمثل خطوة مهمة إلى الأمام، من شأنها تمكين القطاع الخاص وتعزيز النمو الاقتصادي الشمولي وخلق فرص عمل جديدة لائقة. ومع ذلك، فإنه يسلط الضوء أيضا على أهمية التغلب على التحديات، مثل العقبات الإدارية، والحفاظ على جودة الخدمة العامة، والتمسك بمعايير الحوكمة الرشيدة. سيعتمد التنفيذ الناجح للقانون بشكل كبير على التزام الحكومة بخلق بيئة متوازنة ومواتية لجميع أصحاب المصلحة المعنيين.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات