التضخم في 2023 .. ما هي آثاره على الاقتصاد الوطني؟ (انفوغرافيك)

أخبار حياة – أنس الأمير – اتفق خبراء اقتصاديون أن التناغم في إدارة السياستين المالية والنقدية شكلا عامل احتواء لارتفاع معدل التضخم محليًا في الشهور الثمانية الماضية، وأفرغاه من آثاره التي يمكن أن تُنشئ ضغوطات على مكونات الاقتصاد الوطني، كما منعتاه من تخطي نسبة الـ 5 بالمئة محليًا؛ مقارنة مع دول تخطت فيها نسبته 10 بالمئة.

وبين هؤلاء في حديث لـ “أخبار حياة“، أن أبرز العوامل الخارجية التي ساعدت في احتواء معدل التضخم محليًا، يوصف بأنه “تضخم مستورد” وليس محلي المنشأ، إلى جانب البعد الجغرافي للأردن عن مناطق اضطرابات الدول الأوروبية، بالإضافة لعدم اعتماد الحكومة على الأسواق التي تعتمد عليها الدول الأوروبية في استيراد الطاقة.

وأظهر تقرير الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك، في شهر آب، ارتفاعه على المستوى التراكمي للأشهر الثمانية الأولى من 2023، بنسبة 2.45 بالمئة، مقارنة مع نفس الفترة من 2022، فيما ارتفع بنسبة 0.88 بالمئة لشهر آب، مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي.

وكانت مؤسسة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، قد بينت أن الأردن كبح ارتفاع معدل التضخم، بعد ارتفاع الأسعار بمعدل 2.7 بالمئة في الأشهر السبعة 2023، مقارنة بمتوسط التضخم السنوي البالغ 4.2 بالمئة في 2022، متوقعة أن يبلغ متوسط التضخم 2.6 بالمئة خلال الفترة من 2023-2026.

*حالة فريدة في احتواء التضخم

يرى الخبير الاقتصادي، زياد الرفاتي، أن البنك المركزي استطاع من خلال خطواته الحصيفة ـ ولو كان ذلك على حساب النمو الاقتصادي ـ احتواء الضغوط التضخمية وإبطاء الطلب المحلي وجعل معدل التضخم  ضمن الحدود المقبولة. وأكد أن البنك المركزي يقع ضمن مهامه الأساسية إدارة السياسة النقدية ويهدف من خلال خطواته المحافظة على استقرار سعر الصرف والحفاظ على جاذبية الدينار الأردني كوعاء ادخاري وتجنب التحول إلى الدولرة.

ويتفق خبير الاقتصاد السياسي، زيان زوانة، قائلًا إن “الأردن شكل حالة فريدة في التصدي لمعدل التضخم، حيث عمل على صعيدي السياسة المالية والنقدية باتخاذ قرارت ناحجة في التصدي للتضخم”.

*هل شعر الأردنيون بالتضخم؟

يقول الرفاتي، إن الأثر الجوهري لعدم ارتفاع أسعار السلع كما حدث في دول كثيرة، يعود لأن التضخم في الأردن مستورد ولم ينشأ محليًا، إضافة لوجود مخزون استراتيجي أمن من المنتجات الغذائية لمواجهة مخاطر الأزمات والانقطاعات، وعدم الاعتماد على أسواق الطاقة التي تعتمدها الدول الأوروبية، وكذلك بعد الأردن الجغرافي عن مناطق الاضطرابات الأوروبية.

بدوره، بين زوانة لموقع أخبار حياة، أن البنك المركزي عمل على رفع سعر الفائدة في نفس الوقت الذي استمر فيه بضخ تمويل منخفض الكلفة موجه للقطاعات الاقتصادية الأساسية والشركات متوسطة الحجم، فيما قامت الحكومة  بتثبيت أسعار الحبوب خاصة القمح والشعير والأعلاف، لوجود مخزون مقبول بأسعار ما قبل ارتفاع السعر والتي ارتفعت عالميا لمستويات قياسية.

بالإضافة إلى ذلك ، يكمل زاونة، عدم رفع تعرفة الكهرباء في فترة الشهور الأولى من 2022 لانفجار معدل التضخم، ووضع سقوف لكلف شحن البضائع لأغراض احتساب الرسوم الجمركية، وذلك عند ارتفاع تكاليف الشحن لمستويات لم يشهدها العالم من قبل، ما ضبط أسعار المستوردات من الخارج ضمن حدود مقبولة.

*أثار خفية

حملت قرارت احتواء التخضم كلفة غير مباشرة على مكونات الاقصاد الوطني، قطاع خاص وأفراد، وتمثلت بارتفاع معدلات الفائدة على الإئتمان المصرفي وتكاليف خدمة الدين والضغط على الموارد المالية والتدفقات النقدية والدخول الشهرية، كما وأثرت  القروض الشخصية والقروض السكنية التي تأثرت بشكل كبير بارتفاعات الفائدة، حسب الرفاتي.

وأضاف أن “أسعار الفائدة لا تلعب دورًا كبيرًا عند المتقدم لطلب القرض في اتخاذ القرار الإئتماني من عدمه والحاجة تتفوق على ذلك، حيث اقترض الأردنيون في 2022 نحو 1.7 مليار دينار من البنوك المحلية، على الرغم من أنه في 2022 شهد 6 رفعات لأسعار الفائدة”. فيما شهدت أسعار الفائدة العام الجاري 5 رفعات.

وبين الرفاتي أن تأثيرًا واضحًا ظهر في تراجع القدرة الشرائية وانخفاض السيولة في الأسواق والتداول العقاري على أرقام التضخم، حيث تباطأ المستوى التراكمي للتضخم للأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي الى 2.45 بالمئة، وهي النسبة المستهدفة حتى نهاية 2023، بموجب فرضيات الموازنة العامة 2.7 بالمئة، مقارنة مع 4.2 بالمئة في العام 2022.

وفي السياق، أكد زوانة أن رفع أسعار الفائدة يؤدي إلى تخفيض معدل النمو الاقتصادي؛ “كتراجع الطلب في القطاع العقاري”، لكن وفي المحصلة؛ بقيت الضغوطات المعيشية ضمن الحدود المعقولة المقبولة، مع وجود تشوهات سوق العمل وارتفاع معدل البطالة وضعف الاجور .

*قياس التضخم

وساهمت المجموعات السلعية المأخوذة كعينة قياس بارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك لشهر تموز، هي مجموعة الأمتعة الشخصية والتبغ والسجائر و الإيجارات والألبان ومنتجاتها والبيض والتعليم، فيما ساهمت على المستوى التراكمي مجموعة الخضروات والبقول الجافة والمعلبة والنقل، والوقود والانارة، والأسماك ومنتجات البحر، بارتفاع الرقم القياسي.

وأوضح الرفاتي لموقع أخبار حياة أن هناك حاجة لإعادة النظر بالمجموعة السلعية ينة القياس لمعدل التضخم، من حيث طبيعتها وأهميتها وأولوياتها  والأوزان  النسبية المرجحة لها، وذلك على ضوء المتغيرات والتطورات في أسواق السلع والخدمات ومدى امكانية تطوير  القياس بتحييد مجموعات التعليم والنقل والوقود والإنارة والتبغ والسجائر من الاحتساب باعتبارها عناصر غير قابلة  للتحكم بها وهي التي تساهم في ارتفاع  معدل التضخم.

*توصيات احتوائية

وتحدثت مؤسسة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، خلال تقريرها الذي ثبتت فيه التصنيف الائتماني للأردن عند ‘B+/B’ مع نظرة مستقبلية مستقرة، أن التخزين الوقائي للمواد الغذائية الأساسية وعقود استيراد الغاز طويلة الأجل وأسعارها، أسهم في الحفاظ على استقرار فواتير الأغذية والطاقة المنزلية نسبيًا.

وأكد الرفاتي أن رفع مستوى احتواء التضخم محليًا يتطلب من الحكومة خفض معدلات الطاقة والتمويل والضرائب على مدخلات الإنتاج الصناعي في ظل ارتفاعها الحالي للمساهمة في تخفيض تكلفة المنتج المحلي، وانعكاس ذلك إيجابا على تخفيض الأسعار للمستهلكين، وتعزيز الاستثمار في الأمن الغذائي ليساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وتابع “كذلك الاعتماد على الذات وتقليل كلفة الاستيراد واستخدام فوائضه في دعم الصناعة وزيادة الصادرات المحرك للنمو وفرص العمل، واللجوء لطرح الصكوك كأداة للحصول على الأموال عوضًا عن السندات المكلفة في ظل ارتفاع أسعار الفوائد وتعزيز التكامل الزراعي والتجاري والصناعي مع الدول العربية لتقليل الاعتماد على الأسواق العالمية المتقلبة”.

وأشار إلى ضرورة إنشاء صندوق التنمية الزراعية للمساهمة في استدامة القطاع الزراعي وتعزيز التمويل للأنشطة الزراعية والشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص، وتقديم القروض التمويلية للقطاع الزراعي، وخلق كيانات مصرفية ومالية وتأمينية قوية؛ وتشجيع الاندماج بينها والارتقاء بأعمالها وتعزيز تنافسيتها، في ظل التطورات المتسارعة في بيئة الأعمال والاستثمار والذكاء الاصطناعي والرقمنة.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات