في ظلال المولد النبوي الشريف

بلال حسن التل

احياء ذكرى مولد رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام التي تصادف غدا، هي مناسبة لتأكيد بعض المفاهيم حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولإزالة بعض التشوهات التي علقت بأذهان البعض حول هذه المفاهيم، وأول هذه المفاهيم التي يجب تأكيدها تلك التي تتعلق بالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم اقواله وأفعاله عليه السلام، وكذلك تلك المفاهيم المتعلقة بدوره عليه الصلاة والسلام في حياة المسلمين وتاريخهم، وحول مدى أهمية وضرورة الاحتجاج بأقواله عليه السلام وأفعاله، حيث أن أولئك الذين يرفضون الاحتجاج برسول الله، أو انهم يتجاهلون شريعية هذا الاحتجاج، يتناسى هؤلاء أوامر رب العالمين القائل (وما آتكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وقوله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) بل وربطه سبحانه وتعالى طاعته بطاعة رسوله بقوله (واطيعوا الله ورسوله)، فأين من هذا الأمر الرباني قول البعض إنه لا يجوز (التحجج بالنبي… وأن النبي قال..). فهذا قول فاحش بحق أكرم خلق الله وخاتم رسوله، وهو عصيان لأمر الله.

وهو قول يتجاوز كل حدود الأدب مع رسول الله، كما أنه قول يتجاهل نصوص القرآن والسنة، التي تامر بالاقتداء به عليه السلام في أمور الدين والدنيا، فلم يكن عليه السلام مجرد مبلغ عن ربه، لكنه كان منفذا لتعليم الله واوامره، لتنظيم حياة الناس الدينية والدنيوية لافرق بينهما، لذلك أقام رسول الله دولة كان هو عليه السلام واضع سياستها، وقائد جيوشها، وموجه اقتصادها، فحقائق التاريخ تؤكد انه عليه السلام اسس دولة راسخة، كانت هي اول دولة تمتلك دستورا مكتوبا يحدد مفهوم المواطنة، ويترجم هذا المفهوم في واقع الدولة التي اسسها عليه السلام، بينما مازالت معظم دول العالم المعاصر تفتقر إلى معنى المواطنة، كما وردت في وثيقة المدينة المنورة، التي نظم فيها رسول الله العلاقة بين مواطني الدولة التي اسسها على اساس المساواة بصرف النظر عن دينهم او لونهم أو عرقهم.

كما إن الدولة التي أسسها رسول الله في المدينة المنورة، كانت تحكمها قوانين وتشريعات، تنظم العلاقة بين الناس، وتقيم الحد على السارق، وتعزر الفاسد، وتحكم بين الناس بالعدل، وتنظم الاقتصاد، وتأخذ حق الفقراء من الاغنياء، وتراقب الأسواق، وتمنع الغش و الاحتكار.

دولة لها جيوش، ولها مخاطبات ومراسلات ومعاهدات مع غيرها من الدول. وهي حقائق يتجاهلها الذين يدعون إلى إنكار السنة، ومن ثم إلى عدم الاقتداء برسول الله والاحتجاج به. وهو إنكار يحتاج إلى هبة عظيمة للدفاع عن رسول الله، وتصحيح المفاهيم حول ضرورة الاقتداء به عليه السلام، هبة تقودها المؤسسات الاهلية التي تزين اسمها بالإسلام، وكذلك المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها وزارة الأوقاف ودائرة قاضي القضاة ودائرة الافتاء، في بلد يقوده آل بيت رسول الله.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات