بلال حسن التل
اذا كانت مرفوضة دائما سياسة ملء الفراغ التي تمارسها الكثير من القنوات التلفزيونية والاذاعية، بصرف النظر عن مستوى محتوى ماتقدمه، من خلال استضافة اناس لاعلاقة لهم بما يتحدثون به وحوله، ومع ذلك يتم تقديمهم كخبراء، بل ان بعض هؤلاء الذين يقدمون كخبراء، يتحدث الواحد منهم في السياسة والاقتصاد والاجتماع والتحليل العسكري، وربما لو طلب منه أن يتحدث في شؤون الطبخ فلن يتردد، فالمهم هو الظهور والشهرة، واحيانا الكفاءة المالية. وبعض هؤلاء لايخجل من تبديل بندقيته من كتف إلى كتف بسهولة، فبعض هؤلاء كانوا من اشد الناس انتقادا للمقاومة في غزة، ثم اهم في هذه الأيام أكثر الناس دفاعا عنها وتحليلا لبطولاتها.
ولأن سياسة ملء الفراغ هي السائدة، فيبدو ان لدى هذه القنوات قوائم بأسماء جاهزة للحديث في اي وقت وفي أي قضية، بل ان الكثيرين من الباحثين عن الشهرة يبادرون للاتصال بوسائل الإعلام عارضين خدماتهم مادام لا أحد يكثرث. او ينتقد.
واذا كانت سياسة ملء الفراغ مرفوضة في الظروف العادية، فانها تتحول إلى جريمة في الظروف الاستثنائية كالظروف التي يمر بها أهلنا في قطاع غزة، والتي تحتاج إلى إعلام مضامين ترتقي إلى مستوى الحدث، وأن لايذرف احد بما لايعرف، خاصة وان معركة طوفان الأقصى قلبت كل المعادلات، بعد ان اخترقت كتائب القسام كل قواعد الحرب، حيث لم يفت في عضدها موازين القوة المادية المختلة لصالح العدو، لكنها اخذت بقاعدة واعدوا لهم ما استطعتم من قوة، كما أخذوا بقاعدة وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، وكان سلاحهم الاقوى هو الاعداد النفسي العقدي، وقد كان السلاح الحاسم بيد المقاومة، وهو ما أكده أكثر من مرة الخبير والمحلل العسكري اللواء فايزالدوري على قناة الجزيرة. فاذا أضفنا إلى ذلك تراكم التجربة لدى المقاومة والتي اكتسبتها من معاركها السابقة مع العدو الاسرائيلي، بالإضافة إلى ذلك كله انه ثبت بالدليل القطعي ان لا أحد كان يعرف بتوقيت المعركة وترتيباتها، الا أركان حرب القسام، فإن ذلك يستدعي من الإعلام كلاما جديدا وأن كان قليلا، على ان يرتفع إلى مستوى الحدث، لإنقاذ المشاهد والمستمع من اوهام وثرثرة من يقدمون لنا على أنهم خبراء ومطلعون، وليحمونا من خيالات من يحاولون الإيحاء بأن لديهم معلومات، حتى وصل الغرور ببعضهم إلى الادعاء بأنه كان على اطلاع على تفاصيل معركة طوفان الأقصى، سعيا لهدفه في تحقيق الشهرة والحضور، أو لاشباع شهوة الكلام وسحر الميكرفون لديه.