خطابات التخذيل: الشرعي والعقلاني

أ. د. بشار شريف

وسط الصمود الأسطوري لأهل غزة، وإبداع المقاومة الفلسطينية تخطيطًا وتنفيذًا ضمن المتاح لها من إمكانات تبرز أشكال عدة من الخطابات التحليلية أو السياسية أو الشرعية الدينية، وهي جميعًا تصب في خانات ثلاث : خانة التفاؤل، وخانة الحياد، وخانة التشاؤم..

ولا شك أن الخطاب المتفائل في داخله خطابان؛ خطاب مفرطٌ في التفاؤل مبالغ فيه لا يخدم القضية، بل يضرها ، وخطاب علمي متوازن يبني تفاؤله وفق معطيات العقل والواقع والعلم والإيمان.. ولا شك أن القسم الثاني من الخطاب المتفائل هو الذي يخدم واقع الفلسطينيين ومستقبلهم في قضيتهم العادلة..

أما الخطاب الحيادي فهو خطاب تحليلي صرف، قد يصيب وقد يخطئ، وقد يخدم القضية، وقد يضر بها، لكنه في النهاية لا يشكل خطرًا على القضية – في تقديري المتواضع -.

أما الخطاب المتشائم فهو الخطاب الخطير؛ لأنه ينضوي تحت نوعين؛ حيث هناك خطاب متشائم يتزعمه مثقفون تنويريون – وفق ما يسمون أنفسهم – ويبنون تشاؤمهم على المعطيات المادية فحسب، وفي الحقيقة عند الخوض في عمق ما يكتبون أو يقولون فإنك تجد أن روايتهم متسقة تمامًا مع أهداف رواية العدو!! وعند التدقيق يتكشف لك أن ذلك راجع إلى خلاف أيدلوجي فكري!! فهؤلاء التنويرون لا مشكلة لديهم في سردية رواية تخدم أهداف الاحتلال؛ لأنهم فقط يختلفون مع المجاهدين في الفكر، أو لا يحبونهم!! وهذا خطاب في غاية الخطورة؛ لأنه مغلف بغلاف العقلانية والواقعية والثقافة والتنوير..

وهناك خطاب متشائم آخر لا يقل خطورة، بل ربما أشد، وذلك الذي يتزعمه بعض المحسوبين على قيادة بعض التيارات الدينية؛ فهؤلاء يؤصلون تأصيلات شرعية – حسب فهمهم أو ربما أهوائهم – لتفنيد أفعال المقاومة الفلسطينية بذرائع متعددة؛ كدخولهم مغامرة غير محسوبة، وتعاونهم مع إيران وحزب الله، وهؤلاء شيعة ذوو عقيدة منحرفة لا يجوز التعامل معهم ولا حتى شكرهم وفق آرائهم..؛ وذلك كله بسبب خلاف أيدلوجي أيضًا، وعلى ذلك فإن النتيجة التي يؤول إليها مثل هذا الخطاب يخدم الرواية الصهيونية خدمة مجانية..

وعليه فنحن معنيون بالخطاب المتوازن الذي يخدم القضية، ومعنيون بكشف الخطاب المتشائم وأقطابه من التنويريين أو المتدينين؛ لأن الأخيرين خطر على المجتمعات؛ فهم وكلاء الاحتلال مجانا – بقصد أو بغير قصد – ودون أن يكلفهم بذلك أحد؛ بسبب الخصومة الفكرية فقط!

أكاديمي وإعلامي أردني

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات