كيف نعيد للإنسانية إنسانيتها؟

د.نهلا عبدالقادر المومني
يستذكر العالم في الرابع من شهر شباط من كل عام اليوم الدولي للأخوة، وهو يوم للتذكير بأن القيم الإنسانية ترتكز على روابط مشتركة بين البشر جميعا على هذه الأرض، وقائمة في جذورها على الأخوة النابعة من طبيعة وفطرة النفس الإنسانية الواحدة مهما تعددت الأعراق والأجناس والألوان؛ فما يجمع البشر أكثر مما يفرقهم ، يجمعهم المصير المشترك وحتميته وحب الحياة، تجمعهم مشاعر إنسانية واحدة وأحلام مشتركة بمستقبل أفضل، ويوحدهم سعي دائم للحق و الحرية.
لذا فإن القوانين الوضعية وتحديدا القوانين الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان قامت في جوهرها على تقنين مبادئ هذه الأخوة في اطار نصوص ملزمة للدول، فالاتفاقيات الدولية قامت في جوهرها على فكرة الأخلاق والإنسانية والأخوة التي ينبغي تنظيمها وصولا إلى ضمان عدم المساس بها من أي جهة كانت. هذه الأخوة وهذا المصير الواحد هو السر الكامن وراء عالمية حقوق الانسان.
وفي هذا السياق وبمناسبة الاحتفال بهذا اليوم وفي ظل ما يشهده العالم من عدوان آثم على قطاع غزة لا بد من التأكيد على أن فهم مضامين هذا اليوم لم تكن على سوية واحدة بين الدول كافة، فهناك نماذج عكست مضامين هذه الأخوة في تطبيقاتها وممارساتها، وفي مقدمتها الأردن التي كرست عبر تاريخها قيم الأخوة الإنسانية والحرص على إعلاء شأنها بنماذج إنسانية يصعب حصرها، كان آخرها الوقفة الأردنية الإنسانية والحقوقية مع أهلنا في قطاع غزة ورفضه للعدوان والجرائم وإبراز الحقائق بخطابات ورسائل واضحة الدلالة، وإرسال المساعدات والمستشفيات الميدانية بعمليات تتسم بالجرأة والإقدام رغم الظروف الميدانية الصعبة. في المقابل كانت دول عديدة تقف في اتجاه معاكس لأدنى قيم الأخوة، لا بل كانت عونا للظالم على ظلمه واستبداده.
قطاع غزة والندبة الإنسانية التي ستبقى في ضمير الإنسانية وفق وصف الأمين العام للأمم المتحدة من هول ما يحدث ، تجعلنا نقف على أعتاب العالم نفكر مليا كيف سنعيد للإنسانية إنسانيتها؟
في اليوم العالمي للأخوة، في الرابع من شهر شباط لعام ألفين وأربع وعشرين ميلادية، نقول كما قال محمود درويش: «هل نسينا شيئا وراءنا ؟ نسينا تلفت القلب، وتركنا فيك خير ما فينا». نعم، لقد ترك العالم خير ما فيه ومضى نحو مزيد من الظلم والتكالب والتواطؤ على شعب لا يملك من أمره شيئا غير الدعاء وانتظار الأخوة الإنسانية أن تعود.