أخبار حياة – فيما يحلم شباب أردنيون للوصول إلى أمريكا أو أوروبا أو أستراليا هربًا من البطالة وبحثا عن مستقبل مليء بالرفاه الاقتصادي، يستيقظ كثير منهم على كابوس سماسرة الهجرة غير الشرعية فإما يعودون أدراجهم قبل الوصول أو يدركون أن الوقع في تلك البلاد ليس كما كانوا يتصورون.
ينشط سماسرة يدّعون قدرتهم على إيصال الراغبين في الهجرة إلى بلاد ما بعد البحار، في رحلة ليست محفوفة بالمخاطر فقط، بل مرهقة للراغب بالهجرة وعائلته التي تستدين لتأمين مصاريف السفر التي تزيد أحيانا على 10 آلاف دولار.
وتشكل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لدى نحو 48% من الشباب الأردني محطة رخاء تحتوي فرصًا مغرية، حيث تبدأ الرحلة لأمريكا، مثلا؛ من بنما ثم نيكاراغوا أو الهندوراس ثم المكسيك انتهاء بأمريكا، قد يعبر خلال المهاجرون أنهارًا وأودية أو صحارى وجبال، ما يجعل من الوصول إلى المبتغى أمرًا في غاية الصعوبة.
- هجرة الشباب وارتفاع العنوسة ــ
يقول الخبير الاجتماعي، الدكتور حسين الخزاعي لـ “أخبار حياة” إن ازدياد أعداد المهاجرين الأردنيين ـ بصرف النظر عن الطريقة شرعية أم لا ـ سيخلق فجوة بين أعداد الذكور والإناث محليًا لصالح الأخيرة، وبالتالي ترتفع نسبة العنوسة في المملكة.
ويضيف أن العادات الأردنية لن يطالها أثر التغيير جراء إعادة تطبيع المهاجرين الأردنيين لأنفسهم وفق المجتمع الأميركي أو أي مجتمع أوروبي أخر، موضحا أن “إقبال الشباب على الهجرة سيتسبب بخفض طفيف للكفاءات التي تتواجد بنسب جيدة في جميع الاختصاصات بصرف النظر عن مسمياتها، لاسيما وأن هناك نحو 486 ألف طلب في ديوان الخدمة المدنية بانتظار الحصول على وظيفة “.
- ما التأثيرات الاقتصادية؟ ــ
ويؤكد الخزاعي أن اقتصاد الأردن لن يتأثر سلبًا نتيجة ارتفاع عدد المهاجرين بل على العكس سينتعش جراء ارتفاع نسبة الحولات إلى الممكلة، مشيرًا إلى أن العوامل الرئيسية الطاردة التي تدفع الشباب لطلب الهجرة؛ تعود لسببي البطالة وعدم وجود فرص عمل تتناسب مع قدراتهم مهاراتهم؛ إلى جانب الفقر.
ويقول إن الشباب الساعين للهجرة يبتغون تحسين ظروفهم المعيشية وعوائلهم، خاصة مع تمكن الأردنيين المغتربين العام الماضي من تحويل نحو 4 مليارات و900 مليون دينار لأهاليهم في الممكلة.
ويوضح أن أهم مشاكل الشباب تكمن في عدم قدرتهم على توظيف قدراتهم؛ وبالتالي سيتسرب الشعور بالنقص والدونية إلى صدورهم لعدم استطاعتهم على تقديم شيء لأنفسهم وعوائلهم، فيتحتم عليهم أن لا يبقوا مكتوفي الأيدي دون عمل وإنتاج وعطاء.
ويتابع: “هنا يأتي دور الهجرة التي بات يبحث عنها الأردنيون ونسبتهم 48% منذ فترة طويلة وخير استدلال على ذلك هو برنامج اللوتري الأميركي الذي يتجاوز عدد المقدمين له 100 ألف أردني”.
- اتجار بالبشر ــ
يقول استاذ القانون الدولي العام الدكتور أيمن هلسة لـ “أخبار حياة” إن الهجرة غير الشرعية تندرج بموجب القوانين الدولية تحت بند الجريمة المنظمة والتي ينبثق عن اتفاقياتها بروتوكولين اثنين؛ واحد عن الإتجار بالبشر والثاني عن التهريب.
ويضيف أن الاتفاقيات مثل الأخيرة لا يمكن تطبيقها من دون أن تقوم الدول الموقعة بتعديل تشريعاتها لتنسجم مع المعايير الدولية الموجودة فيها.
ويقدر عدد الشباب الأردنيين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة 50 ألف شاب ـ وفق أرقام غير رسمية ـ، وذلك منذ أن فتحت بريطانيا التأشيرة السياحية للأردنيين.
وبحسب الدكتور هلسة فإن الشباب المهاجرين يخرجون من الممكلة بشكل طوعي، مشيرًا إلى إمكانية استغلال الوسطاء أو المهربين لهفة الهجرة للشاب الأردني لاتمام عملية الهجرة من خلالهم.
- دور الحكومة ــ
ويؤكد أن الجهات الرسمية في الأردن لا تملك أدنى فرصة لمتابعة هذه القضية، لأن الشباب يذهبون إلى دولة أوروبية مسموح السفر إليها ومن ثم يدخلون بطرق غير شرعية ـ تهريب ـ لدول أخرى وصولًا إلى الولايات المتحدة أو غيرها من الدول التي يقصدون الهجرة إليها.
يقول: “أما على المستوى الدولي فيتابع قضية الهجرة غير الشرعية مكتب بالأمم المتحدة معني بقضايا المخدارت والجريمة، تندرج متابعة ملف الهجرة غير الشرعية ضمن صلاحياته”.
“تنشب الأزمة الدبلوماسية غالبًا بين الدولة الأخيرة التي تكون منفذًا لدخول المهاجرين غير الشرعين إلى وجهتهم مع الدولة ذات الوجهة، حيث يكون العبء الأكبر على الدولة مصدر تسرب المهاجرين غير الشرعيين حال تبين أنها لا تبدي جل استطاعتها لمكافحة الظاهرة”، وفق هلسة.
- مخاطر الهجرة غير الشرعية ــ
ويشدد أستاذ الإعلام، الدكتور عثمان الطاهات، على أن هجرة الأردنيين غير الشرعية لدول الاتحاد الأوروبي وأميركا مخالفة للقوانيين، مشيرًا إلى أن أكبر فئة تسعى للهجرة هي فئة الشباب التي تبحث عن فرص عمل.
ويوضح الطاهات لـ أخبار حياة، أن الجهات الرسمية الأردنية اتخذت تدابير وإجراءات من خلال التوقيع على الاتفاقيات الدولية التي تحد من التسرب غير الشرعي للمهاجرين.
ويشير إلى ضرورة التوعية حول مخاطر الهجرة غير الشرعية عبر وسائل الإعلام المحلية بشتى أنواعها، من خلال تناول الاتفاقيات الدولية وتحليلها، وإبراز مخاطر الرحلة غير الشرعية التي تهدد حياتهم أو اعتقالهم.
- نسبة البطالة ــ
تشير أرقام وزارة الخارجية إلى أن عدد الأردنيين المسجلين على أنهم مغتربين في أمريكا بلغ 100 ألف في العام 2015، فيما وصل عدد الأردنيين المغتربين في أمريكا والدول الأجنبية الأخرى 140 ألفا في العام 2021.
يذكر أن معدل البطالة في الأردن بلغ 21.4 بالمئة حتى نهاية 2023، بحسب دائرة الإحصاءات العامة.
وبلغت نسبة البطالة عند الذكور 18.9 بالمئة مقابل 29.8 بالمئة للإناث، فيما كانت النسبة بين حملة الشهادات الجامعية من بكالوريوس فأعلى، 25.1 بالمئة.
وتشير النتائج إلى أن 56.6 بالمئة، من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، وبالتالي فإن إجمالي المتعطلين ممن مؤهلاتهم التعليمية أقل من الثانوي قد بلغ 42.8 بالمئة.