أخبار حياة – عاد غالبية الحجاج الأردنيين إلى أرض المملكة، وفقا للتصريحات الرسمية، فيما سؤال ذوي الحاج الأبرز يدور حول ما جرى هذا العام خلال أداء الفريضة.
ما سبب الوفيات؟ ولماذا كل هذه الأعداد من المفقودين؟ هذان سؤالان بارزان يوجهان تحديدا للحجاج الذين قصدوا أداء الفريضة عبر فيزا سياحية.
“أخبار حياة” سمعت من حجاج عادوا “بحمد الله” إلى أرض الوطن بعد أن أدوا الفريضة بفيزا سياحية، أن درجات الحرارة كانت مرتفعة جدا، وأن الخوف كان يتملكهم أثناء مكوثهم في مكة من أن تكتشف السلطات السعودية أمرهم بعد أن أعلنت أنها عازمة على ترحيل أو تغريم كل من لا يملك تصريح حج لأداء المناسك.
الصعود إلى جبل عرفات
يقول حجاج، كانت هناك عمليات تفتيش متكررة على “الحجاج غير النظاميين” ليس فقط من الأردنيين بل ومن الجنسيات الاخرى، لكن الأمر مر بسلام على البعض، فيما لم يحج البعض الآخر، وأصيب وتوفي آخرين.
ويضيفون أن الصعوبة كانت بالنسبة لهم هي في الصعود على جبل عرفات حيث “الحج الأكبر”، مؤكدين أن بعض الحجاج تمكنوا من المضي نحو عرفات فيما الكثيرون ظلوا ينتظرون حتى ساعات فجر يوم عرفات، فساروا مشيا على الأقدام لمسافات تصل لعشرين كيلو متر تحت أشعة الشمس الحارقة ودرجة الحرارة اللاهبة.
يروي حاج أن كثيرا من الحجاج لم يتمكنوا من الوصول إلى عرفات نتيجة الحرارة والشمس اللاهبة، فأصيب البعض بالإعياء وضربات الشمس، وشوهد حجاج يفترشون الأرض على الطرقات غير قادرين على اكمال الطريق، وقال إنه في بعض الأحيان كانت السلطات السعودية تعيد الأفواج الكبيرة من حيث أتوا دون السماح للمخالفين الدخول إلى منطقة عرفات.
يقول إنه في هذه الفترة بدأت تكثر عمليات الإعياء وبدأ بعض الحجاج ينفصلون عن مجموعاتهم، بالاضافة إلى نقل بعض المصابين للمستشفيات والمراكز الطبية ما أدى إلى حدوث انقطاع الاتصال بين الحاج ومجموعته او بينه وبين ذويه.
ويقول حاج آخر توفيت والدته الكبيرة في السن، لـ أخبار حياة أنهما مشيا لمسافة كبيرة لكنهم تمكنوا من الوصول إلى جبل عرفات، غير أن والدته تراجعت حالتها الصحية شيئا فشيئا في خيمة بجبل عرفات لتسلم بعد ذلك روحها لخالقها.
وقال إنها تعاني أصلا من أمراض مزمنة، حيث كان السكري مرتفعا لديها كثيرا قبل السفر إلى مكة المكرمة بواسطة فيزا سياحية.
وكانت وزارة الخارجية أصدرت أكثر من بيان تعليقا على حالات الفقدان والوفيات، مؤكدا حتى يوم أمس الأربعاء أن حالات الوفاة وصلت إلى 41 حالة وأن هناك حالات ما زالت لأردنيين في المستشفيات تتراوح حالتهم بين المستقرة والحرجة.
يقول وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد الخلايلة أن بعثة الحج الرسمية لم تمنع دخول أي حاج تمكن من الوصول إلى مخيمات الحجاج الأردنيين، حتى من أولئك الذين لا يمتلكون تصريح حج رسمي صادر من وزارة الاوقاف.
لكنه أضاف، أن الوزارة لا تمتلك حتى اليوم أي إحصائيات عن اعداد الحجاج الأردنيين ممن لا يمتلكون تصريح حج صادر عن الوزارة.
وتسلمت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الملف، وأسست عرفة مشتركة في مكة المكرمة بالتعاون مع وزارة الأوقاف لمتابعة أوضاع الحجاج الذين قصدوا الحج بفيزا سياحية.
واعلن وزير الأوقاف أن كوادر وزارة الخارجية وكوادر وزارة الأوقاف ظلوا وما زالوا ينسقون ويتابعون الأمر مع السلطات السعودية التي أبدت تعاونا في هذا المجال.
حرارة لاهبة
شهد موسم الحج في هذا العام ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة ووصلت بحسب تصريحات السلطات السعودية إلى نحو الخمسين درجة في الظل.
وشخصت الكوادر الطبية السعودية غالبية حالات الوفاة بـ “الاجهاد الحراري”، وضربات الشمس، فضلا عن تأثير الحرارة على المسنين ومن لهم سير مرضية مزمنة.
يقول وزير الاوقاف الدكتور محمد الخلايلة في تصريحات للاذاعة الأردنية أن ما يؤكد هذا التشخيص هو وفاة شقيقين اثنين مثلا، ما يعني أن السبب تعرضهم لذات الظروف من المسير تحت الشمس والاجهاد الحراري.
وحذّرت وزارة الصحة السعودية عبر موقع “إكس” من التعرّض لأشعّة الشمس خلال ساعات الظهيرة وحتى العصر، ونصحت باستخدام المظلات والإكثار من شرب المياه.
ويذكر أن السلطات السعودية كانت قد حذرت من اللجوء إلى الطرق غير الرسمية لأداء مناسك الحاج، وأعلنت أن الفيزا السياحية لا تخول حاملها من اداء فريضة الحج أو حتى البقاء في مكة المكرمة أثناء موسم الحج.
وشدد وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري، في تصريحات سابقة، على ضرورة الالتزام بالحج النظامي لضمان حصول الحاج على حقوقه كاملة.
وقال إن الحجاج القادمين بتصاريح رسمية لهم حقوق تضمنها السلطات السعودية، أما من يأتي بدون تصريح فلا يملك ذلك، “وهو يسلب حق حاج آخر أتى من آخر الدنيا لأداء هذه الفريضة.”
وأعقبت وزارة الأوقاف الأردنية ذلك بتصريح تنبه من قصد الديار المقدسة بتصاريح غير تصاريح الحج النظامية، مؤكدا على تشديدات السعودية حيال ذلك.
وتوفر بعثة الحج الرسمية للحاج الأردني الإقامة والطعام والعلاج والتنقل، في حين أن هذا ليس متوفرا للحجاج غير المسجلين ببعثة الحج الرسمية.
المسير على الأقدام
يروي حاج قصد الديار المقدسة بفيزا سياحية لأخبار حياة أن المسر على الأقدام لساعات تحت أشعة الشمس كان شاقا وأن الأمر لم يقتصر على أردنيين فقط، بل كان هناك حجاج من جنسيات مختلفة، وأن الإصابات والوفيات كانت لحجاج من جنسيات مختلفة.
وقال التلفزيون السعودي في وقت سابق إن الحجاج واجهوا خلال أداء مناسك الحج الموسم الحالي درجات حرارة شديدة الارتفاع وصلت في الظل إلى 51.8 درجة مئوية، مما تسبب في وفاة عشرات الحجاج.
وفيات موسم الحج
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية – الأربعاء- بأن الحصيلة الإجمالية للوفيات خلال الموسم الحالي ارتفعت إلى أكثر من 900 شخص، غالبيتهم مصريون، ومعظمهم لأسباب مرتبطة بالحر، وأضافت أن كثيرين لا يزالون يبحثون عن أقربائهم وأصدقائهم المفقودين.
ووصل عدد الوفيات في صفوف الحجاج المصريين لـ “600 على الأقل”. ويشمل العدد أيضا 68 هنديا و13 من كردستان العراق و11 إيرانيا و3 سنغاليين، 144 إندونيسيا و35 حاجا وحاجة من تونس.
وكانت السلطات السعودية قد أعلنت أن عدد الحجاج هذا العام بلغ أكثر من 1.833 مليون شخص.