سائد كراجة
لا تجزع؛ فإن الأجهزة الأمنية وعلى وجه الخصوص الجيش العربي ودائرة المخابرات العامة تثبت جاهزيتها يوميا وتبذل جهودا كبيرة لملاحقة الإرهابيين والمهربين والقبض عليهم. وفي هذا الصدد ومع التأكيد على ضرورة تقديم المعلومات للمواطن للحد من الإشاعات، إلا أن طبيعة التحقيق تتطلب تعاملا دقيقا وتروي في تقديم المعلومات الكاملة المفصلة للمواطن! ان أي حوار وطني أو حتى اختلاف حول القضايا المحلية يجب ألا يشتت موقفنا الموحد والصريح في محاربة الإرهاب.
المشهد الإعلامي لمؤسسات الدولة وقوى المجتمع المدني والمواطنين يجب الا ينشغل بالأصوات النشاز عن الاحتفاء بالحالة الوطنية العامة المجمع عليها، والتي تنبذ الإرهاب وتتصدى له وتقف مع الدولة والأجهزة الأمنية بهذا الصدد.
يعتبر التركيز في خضم مقاومة الوطن للإرهاب على بعض الأصوات والمقولات «والبوستات» النشاز التي لا قيمة ولا وزن لها، والتي هي هامشية أمام وحدة وطنية راسخة، خدمة للإرهاب وخلخلة للوحدة الوطنية.
الحرب على غزة عامل أساسي في دوافع وأهداف الجماعات والعمليات الإرهابية، وأول جهة أرشحها للوقوف وراء تلك العمليات هي إسرائيل.
ساهم الأردن بقيادته وحكومته في تعرية العدوان عالميا. خطاب جلالة الملك بأن الاحتلال هو جوهر الصراع، الذي بدأ بالاحتلال وليس في أكتوبر، أسقط مقولة الكيان بحقه في الدفاع عن النفس. هذا الخطاب الملكي شكل نواة الخطاب الدولي ضد العدوان. الموساد الإسرائيلي يخترق غالبية الجماعات الإرهابية والمليشيات في المنطقة، سواء بعلمها أو بدون علمها، وقد يستخدمها للضغط على الأردن في هذا الخصوص.
وعلى صعيد آخر، علينا أن لا ننخدع بأي خطاب إرهابي ميليشي ضد الأردن، وإن حمل شعارات مقاومة إسرائيل، فليس كل ما يلمع ذهبا.
إن السماح بالعمل السياسي في الجامعات لا يعني الاقتصار على إجراء الانتخابات فقط، بل يجب أن نحرص على مناقشة سردية الدولة السياسية مع الطلاب وقيادة حوار الشباب حول موقف الأردن منها وبدائل الأردن، وذلك في ظل بيئة حرة وآمنة. هذا يضمن وقوف الطلاب في صف الوطن حتى وإن كان لديهم رأي أو معتقد مختلف، فنحول بذلك دون اختطافهم من قبل أعداء أو متطرفين.
الحوار الوطني ليس مؤتمراً ولا ندوة ولا حملة انما هو نهج حياة وهو ما يستوجب ضرورة تدفق المعلومات الوطنية على المواطنين، وشرح مفصل لموقف الأردن وظروفه السياسية والاقتصادية لكل من الأحزاب والمواطنين ومنظمات المجتمع المدني. الأردن اليوم في ظروف لا يحسد عليها وعليه تدوير الكثير من الزوايا لكي يحافظ على وجوده كدولة ووطن ودستور، ولهذا فإن تحويل القوى السياسية في الأردن من معارضة النظام إلى معارضة الحكومات هو جوهر مفهوم الحكومات الدستورية التي سعى إليها التحديث السياسي الذي قاده جلالة الملك، وهذا أمر يتطلب المشاركة الفاعلة بين كافة فئات المجتمع في التفكير وفي صنع الموقف السياسي والاقتصادي، وهذا هو التعبير العملي والعلني لمفهوم الوحدة الوطنية والذي يحول هذه الوحدة من شعار يرفع إلى حياة تعاش.
التضامن مع أفراد المؤسسات الأمنية لا يكون فقط بالكلام، بل بالمساندة والانتباه واليقظة، وتقديم أي معلومات أو أخبار تساعد هذه المؤسسات على القيام بعملها.
ففي مجال مكافحة الإرهاب، الشعب والجيش والمؤسسات الأمنية كلها جنود مجندة في هذه المعركة. لا تجزع، ولتكن المعنويات عالية، ولنردد معا: «عاش الأردن حرا عزيزا كريما آمنا مطمئنا».