تسريع التحول نحو الطاقة الخضراء في القطاعات الاقتصادية

أحمد عوض

تعد الطاقة الخضراء من القضايا الحيوية التي تتطلب اهتماما وعناية خاصة من قبل الحكومات الأردنية المتعاقبة. الانتقال نحو الطاقة الخضراء ليس فقط ضرورة بيئية، بل هو أيضا فرصة اقتصادية حيوية، اذ يشكل هذا التحول ضرورة ملحة للتعامل مع التحديات الاقتصادية والبيئية والأمنية التي تواجه البلاد.

لعل المؤسسات الاقتصادية الأكثر حاجة تتمثل في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل أكثر من 90 بالمائة من مؤسسات الأعمال في الأردن، وتوظف حوالي 60 بالمائة من القوى العاملة. هذه المؤسسات تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية وخاصة الصناعة والخدمات، وهي تواجه تحديات عديدة في مسيرة عملية التحول الطاقي، أهمها الوصول إلى التمويل والعقبات التنظيمية والمنافسة في السوق.

مع تقدم الأردن في تبني الطاقة الخضراء وخاصة المتجددة منها، تلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة دورا حيويا في هذا المسار، نظرا لاعتماد البلاد الكبير على الطاقة المستوردة.

وعلى الرغم من العقبات التي تواجهها المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فإنها تمتلك القدرة على الاستفادة من توفير التكاليف وزيادة التنافسية الناتجة عن تبني الطاقة الخضراء. ومع ذلك، تواجه هذه المشاريع تحديات جديدة مثل الضرائب والقيود التنظيمية، وتشمل القيود البيروقراطية والمالية والبنية التحتية، مما يبرز الحاجة إلى سياسات حكومية مبتكرة واستجابة فعالة من قبل المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

دعمت العديد من المنظمات الدولية، الإصلاحات لتحسين بيئة الأعمال للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الأردن، وهذا الدعم الدولي يمكن أن يسهم في تعزيز قدرات هذه المشاريع على التكيف مع التحول نحو الطاقة المتجددة، ويسهم في تسريع عملية التحول الطاقي.

وفي هذا السياق يتوقع من الحكومة تعزيز تمويل الطاقة المتجددة من خلال جذب الاستثمارات من القطاعين العام والخاص في مشاريع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، واستكشاف نماذج التمويل المبتكرة مثل تطوير الممرات الخضراء وتشجيع إنشاء أنظمة بيئية للابتكار لتعزيز الاستثمار والجهود التعاونية في قطاع الطاقة المتجددة. كذلك مطلوب تطوير وتنفيذ سياسات لتسهيل تبني عملية التحول الطاقي، وتبسيط الإجراءات التنظيمية، وتقديم الحوافز والمساعدات لتشجيع وتسريع المسار، ما سيسهم في تعزيز مشاركة وانخراط المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الأخضر.

من جانب آخر، مطلوب التركيز على التدريب المهني والتقني والتعليم العام لتعزيز ثقافة استخدام وفهم الطاقة المتجددة، وتطوير أنظمة قوية لتتبع تقدم الطاقة المتجددة ودمج استراتيجيات التكيف مع المناخ، مثل الحفاظ على المياه وممارسات الزراعة المستدامة لتعزيز المرونة، وتحسين الشبكة الحالية والبنى التحتية الأخرى لدعم دمج الطاقة المتجددة وتوسيع خدمات المساعدة التقنية.

كذلك، مطلوب العمل على تلبية احتياجات القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة من الطاقة المتجددة، مدعومة بمبادرات بناء القدرات وتبادل المعلومات لضمان دعم واسع لكفاءة الطاقة وتبني الموارد المتجددة.

إن التحول نحو الطاقة الخضراء ليس خيارا يمكن أن نعتمده أو لا، بل هو ضرورة ملحة للأردن. يتطلب تحقيق هذا التحول بتسارع ملائم، تضافر الجهود بين الحكومة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم السياسات والتمويل، وتعزيز الوعي العام بأهميته.

مع التخطيط الجيد والدعم المناسب، يمكن لنا في الأردن استثمار الفرص المتاحة في هذا المسار، ما يؤثر إيجابا على الخروج من المأزق الاقتصادي الذي نعيشه، ونواجه التحديات التي تحول دون اختراق حالة التباطؤ الاقتصادي التي نعاني منها منذ ما يقارب خمسة عشر عاما، ما يحقق فوائد اقتصادية وبيئية كبيرة للأجيال الحالية والقادمة.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات