أخبار حياة – في الوقت الذي تستعر فيه حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة الصامد، هناك حرب أخرى لا تقلّ ضراوة تخوضها المقاومة، وهي الحرب النفسية ضد الاحتلال وأعوانه ومن ويساندهم الذين آثروا الوقوف في صف العدوّ ضدّ أبناء جلدتهم، طمعاً في مغنم، أو خوفاً من مغرم، أو مجرّد حقد وحسد.
ويلعب النشطاء والمثقفون وحتى المواطنون العاديّون دوراً مهمّاً في مواجهة تلك الحرب النفسية، من خلال مواجهة الدعاية المضللة للاحتلال وأعوانه، التي تسهدف وعي الشعب وإيمانه بعدالة قضيته.
وحدة الحرب النفسية
قبل أكثر من عقدين من الزمن، شكّل الجيش الصهيوني وحدة عسكرية للحرب النفسية، تهدف إلى القيام بحملات للتأثير على مواقف الجمهور الفلسطيني، من خلال الدعاية، والحرب النفسية، ومناورات التضليل.
وكانت صحيفة “هآرتس” العبرية كشفت حينها عن وجود تلك الوحدة، موضحةً أنّها تستغل وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية لترويج روايتها وتقاريرها. وقد مرّت الوحدة في فترات من الخمول، لكن كان يتمّ إحياؤها عند الحاجة وخاصة أوقات الحرب، ولا زالت تعمل حتى الآن.
وتهدف الوحدة إلى التأثير على معنويات الفلسطينيين وأفكارهم، من خلال الترويج لأسطورة الجيش الذي لا يقهر، وإظهار تفوق إسرائيل التكنولوجي، ونشر الأخبار المضللة عن المقاومة، وتبرير الأعمال العسكرية الصهيونية بحجّة مكافحة الإرهاب.
ومن الأمثلة على تلك الحرب النفسية المقطع الذي نشر في تشرين الثاني الماضي لفتاة تدّعي أنها ممرضة في مستشفى الشفاء، حيث اتهمت أفراد حماس بأنّهم سيطروا على المستشفى، وأخذوا الوقود والدواء.
وحاولت “الممرضة” استعطاف الناس بأنّها عالجت كسراً لطفل عمره خمس سنوات بدون مخدر المورفين، مدّعية حماس أخذته لنفسها، ثم ناشدت الجميع أن يخرجوا من مجمع الشفاء.
لقد كان ذلك المقطع صهيونيّاً بامتياز، فمن جهة حاول تشويه صورة المقاومة، ومن جهة أخرى حاول المساعدة في تحقيق أهداف الاحتلال من خلال تفريغ المجمع من المواطنين.
ولكن فطنة المقاومة والنشطاء ساعدت في مواجهة ذلك المقطع الزائف، حيث تبيّن أنه لممثلة إسرائيلية، استخدمها الاحتلال لترويج روايته وبث الذعر بين المواطنين الفلسطينيين.
لا تنفكّ دعاية الحكومة الإسرائيلية تبث سمومها وتعبّر عن صلفها واستكبارها، فبعد ساعات من هجومها الغادر الذي أدّى إلى استشهاد القائد إسماعيل هنية، اتهمت الحكومة الاسرائيلية حماس بأنّها لا تزال ترفض التوصل لاتفاق بخصوص الرهائن، وهو الموقف الذي وصفه الكاتب المصري فهمي هويدي بأنّه استعلاء ووقاحة، وينمّ عن استهانة بالعالم العربي وازدراء له.
وفي ذات السياق، انبرت العديد من وسائل الإعلام لمساندة الرواية الإسرائيلية، وإطلاق سهامها نحو المقاومة، لتطعنها في وطنيتها، وتهاجم رموزها، وتشكك في ولائهم.
وانطلق الذباب الإلكتروني ليقدح في المقاومة وقادتها بكافة السبل، مستغلاً أوجاع الناس ومعاناتهم، لتحقيق أهدافه الخبيثة التي لا تصبّ إلا في مصلحة العدو الصهيوني.
ولكن وعي النشطاء من المدافعين عن الحق يدفعهم إلى سدّ تلك الثغرة في جبهة الحرب، ليكونوا عوناً للمجاهدين بسلاحهم المضحّين بأنفسهم دفاعاً عن وطنهم وكرامة أمتهم.
فشل الحرب النفسية الإسرائيلية
نشر موقع المجد الأمني التابع للمقاومة بياناً أوضح فيه أنّ إسرائيل خسرت حربها النفسية ضد الفلسطينيين محلياً وإقليمياً وعالمياً رغم أنف الإعلام المتواطئ، مضيفاً أنّ المقاومة الفلسطينية حققت انتصاراً معنوياً هائلاً.
وقال إنّ اللجوء إلى تفعيل “بكائية العداء للسامية” أقصر الطرق التي تلجأ إليها دولة الاحتلال لإعادة تقديم نفسها للعالم على أنها الضحية المعتدى عليها، حيث تتهم إسرائيل العالم كله بالانحياز ضدها، والتعاطف مع الشعب الفلسطيني، بدءاً من الأمم المتحدة إلى الصليب الأحمر الدولي، ومنظمات الإغاثة الإنسانية.
كما أكّد المجد الأمني أنّ دولة الاحتلال تستدعي عقدة الاضطهاد النازي، لكي تلوح بها ضد الفلسطينيين، الذين كانوا وما زالوا ضحايا للاضطهاد الإسرائيلي البشع منذ نحو قرن من الزمان، مضيفاً أنّ تكرار الأكاذيب الإسرائيلية من قطع رؤوس الأطفال وحرقهم أحياء، واغتصاب النساء، أدّى إلى حالة من الملل العالمي من الخطاب الدعائي الإسرائيلي وانعدام مصداقيته.