د.نهلا عبدالقادر المومني
ونحن نقف على أبواب الانتخابات النيابية القادمة وفي إطار بدء الدعاية الانتخابية والعمل الحثيث من المترشحين والمترشحات من خلال القوائم المحلية والقوائم الحزبية لاستقطاب الناخبات والناخبين وصولا لكسب أصواتهم، لا بدّ هنا من التوقف عند البرامج الانتخابية لهذه القوائم التي ما تزال باعتقادي لا تلبي الطموح المنشود ولا تتواءم وطبيعة المرحلة المؤمل الوصول اليها في المملكة وذلك في الغالبية العظمى منها.
في هذا السياق ما تزال البرامج الانتخابية لا تعكس الوظيفة الأساسية لمجلس النواب في سن التشريعات التي تعبر عن ضمير الأفراد وتعكس المبدأ الدستوري الثابت والأصيل بأن الأمة هي مصدر السلطات، ويمكن ملاحظة ذلك جليا من عدم إفراد مساحة كافية في هذه البرامج للرؤية التشريعية التي تنطلق منها القوائم وعدم التطرق إلى خريطة طريق تشريعية واضحة لمن اختار أن يكون معبرا عن إرادة الأمة وضميرها، تنطلق من تضمين هذه البرامج الخطوات الهادفة إلى مأسسة نظام وطني فاعل للتشريع قائم على نهج تشاركي وصولا إلى الصياغة التشريعية بمفهومها المتكامل التي لا تقتصر على إخراج النص القانوني بصورته النهائية وإنما تتجاوز ذلك لتشمل دراسة مدى الحاجة إلى النص التشريعي، ودراسة الجدوى التشريعية منه، ومدى وجود ثغرات حقيقية في المنظومة القائمة على أرض الواقع تستدعي تبنيه؛ وذلك منعا للتضخم التشريعي وما قد ينتج عنه من تضارب تشريعي وازدواج تشريعي أيضا يؤدي إلى إضعاف الهيكل القانوني للدولة ويقف حائلا أمام تحقق العلم اليقيني للمُخاطبين بنصوصه.
مجددا، إن الوظيفة الأساسية للمجلس النيابي هي الوظيفة التشريعية التي من أجلها ناضلت شعوب العالم وصولا إلى ما نراه اليوم من مجالس نيابية من المفترض أن تعكس إرادة الأفراد وطموحاتهم وأحلامهم بالمستقبل القادم؛ لذا فإن السؤال الذي يتوجب أن يبقى حاضرا دوما في ذهن كل من أخذ على عاتقه مسؤولية التشريع وأرتضى أن يحمل أوزاره، هو مدى قدرة البرامج الانتخابية على أن تكون مشتملاتها وعناصرها قادرة على تحقيق هذا الدور تشريعيا وقادرة على بناء سياسة تشريعية واضحة المعالم ابتداء، سياسة تقود بالفعل إلى تطوير التشريعات ولا تكتفي بتغييرها فقط والفارق بين وشاسع بين المدلولين.
البرامج الانتخابية في عمقها هي بوصلة توضع أمام الناخبة أو الناخب تعكس فلسفة القوائم في تحقيق الدور المنوط بها لدى وصولها إلى المجلس النيابي معبرة عن طموحات الأفراد، هذه الطموحات التي يتوجب أن يعكسها التشريع بصفته الحلقة الأولى التي تبنى عليها السياسات وبرامج العمل وتنطلق منها الممارسات في شتى المجالات؛ لذا فإن منظومة تؤطر لإحداث نقلة في العملية التشريعية هي ما يتوجب أن تبنى عليها البرامج الانتخابية، لا أن تكون التشريعات ومحوريتها غائبة أو على أقل تقدير حدث عابر في البرامج الانتخابية وبند تتم الإشارة إليه من باب استكمال الأطر الشكلية لهذه البرامج.