أخبار حياة – تستعين مراكز البيانات الصينية المملوكة للدولة بخبرات شركات التكنولوجيا من أجل تعزيز استثمارات بمليارات الدولارات، ضمن جهود وطنية لزيادة تبنّي التكنولوجيا سريعة التطور.
واستعانت الحكومات المحلية بشركة «ميريت إنتر أكتيف» والشركتين الناشئتين «إنفينيجنس إيه آي» و«سيليكون فلو»، من أجل تطوير التكنولوجيا اللازمة لدعم طفرة مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي الآخذة في التطور في ربوع الصين، وفقاً لمصادر مطلعة ووثائق عامة.
ويبرز ذلك منهجية الصين في حشد الموارد اللازمة من القطاعين العام والخاص، والجمع بين القوة الإنفاقية للحكومات المحلية والمواهب الموجودة في الشركات التكنولوجية الناشئة، ضمن توجه لتسريع إنشاء شبكتها للبنية التحتية لحوسبة الذكاء الاصطناعي.
وأفاد أحد المستثمرين في صناعة الرقائق والذي يتخذ من بكين مقراً له، بأن «المشكلة في اللحظة الراهنة ليست في الحصول على الرقائق، وإنما معرفة كيفية عملها معاً في مجموعات. إنه عمل معقّد بحق».
وتأتي هذه الخطوات بعدما أثارت شركة «ديب سيك» الصينية الناشئة انتباه العالم في الشهر الماضي بعد إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي الأخير والذي أظهر أداء مماثلاً للنماذج التي صنعتها شركات منافسة أمريكية مثل «أوبن إيه آي» و«غوغل»، بما يبدو أنها ميزانية محدودة.
ونجحت الشركة، التي تتخذ من مقاطعة جيجيانغ مقراً لها، في استغلال أقصى قدرة حوسبية ممكنة من رقائق المعالجة الرسومية التي صنعتها «إنفيديا»، ما خفض من تكلفة تدريب النموذج وعملية استدعاء قدرات النماذج اللغوية الكبيرة.
وتستفيد مراكز البيانات المملوكة للدولة، من هذا النوع من المهارات الهندسية للقطاع الخاص وسط طفرة للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في ربوع الصين، ومع استثمار البلاد مليارات الدولارات في سباق تخوضه في مواجهة الولايات المتحدة على ريادة التكنولوجيا سريعة التطور.
وبحلول منتصف عام 2024، استكملت البلاد بناء 250 مركزاً للبيانات أو يجري العمل على بنائها، بحسب بيانات رسمية.
وأدت الحكومات المحلية دوراً محورياً في تمويل هذه المشروعات التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، فأصدرت سندات بهدف تمويل بناء مراكز البيانات وتأمين الحصول على الرقائق اللازمة لعملها. ومع ذلك، عانت هذه المشروعات نقصاً في الخبرة الفنية.
وبرزت شركة «إنفينيجنس إيه آي» كواحد من أبرز المستفيدين من توجه الدولة نحو تحسين الأداء الحوسبي، فوقّعت صفقات مع «نينغكسيا» و«تيانجين»، وهما مركزا بيانات للذكاء الاصطناعي مملوكان للدولة.
وتؤجّر الشركة الناشئة التي تتخذ من شنغهاي مقراً لها وتحصل على دعم من «هونغ شان» و«كيمينغ فنتشر بارتنرز»، رقائق صنعتها شركة «إنفيديا» لصالح مطورين يعملون على تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وتجني الشركة أرباحها من خلال الفارق الذي تدفعه لمشغلي مراكز البيانات والرسوم التي تتقاضاها من المستخدم النهائي في سبيل الوصول إلى هذه الرقائق.
وفي شهر ديسمبر الماضي، أعلنت حكومة شنغهاي تعاوناً مع «إنفينيجنس إيه آي» وشركة «سيليكون فلو» الناشئة لبناء منصة للعملاء يمكن لهم من خلالها صنع تطبيقات للذكاء الاصطناعي بواسطة نماذج لأطراف ثالثة ويستضيفها مركز بيانات تشغّله شركة تابعة محلية تابعة لشركة «تشاينا تيليكوم» المملوكة للدولة.
وطوّرت كلتا الشركتين محركات استدلال تعمل على تسريع النماذج اللغوية الكبيرة من خلال تقنيات تستخدم نماذج سابقة التدريب وتعمل على تعديلها بحيث تناسب البيانات، أو تضغط حجم نماذج الذكاء الاصطناعي.
وقال أحد المستثمرين إن هذه الشراكات التعاونية تُعد ضرورية في استمالة عملاء الذكاء الاصطناعي. وتُجري شركات التكنولوجيا اختبارات قبل توقيع عقود مع مراكز البيانات؛ ضماناً لعدم حدوث أي اضطرابات في أثناء عمليات التدريب المكلّفة.
كما جرت الاستعانة بشركة «ميريت إنتر أكتيف» التي تتخذ من جيجيانغ مقراً لها، بفضل خبراتها الهندسية.
ونشرت وسائل إعلام محلية في المقاطعة، عن اجتماع بين المسؤولين التنفيذيين لدى «ميريت إنتر أكتيف» ومسؤولين محليين، حيث وقع الاختيار على الشركة بفضل دورها في بناء مركز بيانات كبير للذكاء الاصطناعي في مدينة ونجو.
وأشار مصدر مطلع، إلى ارتباط «ميريت إنتر أكتيف» بالشريك التجاري لليانغ وينفينغ، مؤسس «ديب سيك»، في صندوقه للتداول الكمي «هاي فلاير».
ولفتت تقارير إعلامية محلية، إلى أن تشو جين، الذي شارك في تأسيس «هاي فلاير» مع ليانغ، كان يعمل لدى «ميريت إنتر أكتيف» مديراً فنياً.
وتوجد لدى «ميريت إنتر أكتيف» مصالح تجارية تتراوح بين استيراد وتصدير المعدات التكنولوجية وحتى الاستثمار في الشركات الناشئة للتقنيات العالية.
ولدى الولايات المتحدة مجموعة مماثلة لشركات الحوسبة السحابية، بما في ذلك «كور ويف» و«لامدا» و«فولتر، التي تدير وتؤجّر الوصول إلى المجموعات الحوسبية في مراكز البيانات، ما يمنح الشركات القدرة على استخدام الرقائق ودفع المقابل حسب الاستخدام.
وتمكّنت الصين من تطوير صناعة الذكاء الاصطناعي على الرغم من تضييق واشنطن للخناق على صادرات الرقاقات المتطورة التي صنعتها إنفيديا.
ونشأت سوق سوداء منتعشة للرقائق المُهرّبة، وسلّط مطلعون على الصناعة الضوء على انخفاض أسعار رقائق إتش 100 التي تشهد طلباً عالياً في الأشهر الأخيرة مع تضخم عدد الرقائق المُهرّبة إلى داخل الصين.
كما يتمتع مشغلو مراكز البيانات المملوكة للدولة، بوصول تفضيلي لرقائق أسيند للذكاء الاصطناعي التي صنعتها هواوي، وهي المنافس الأبرز لشركة إنفيديا بالصين في سوق الاستدلال المتنامية في البلاد.
وشأنهما شأن ديب سيك، عملت كل من إنفينيجنس إيه آي وسيليكون فلو على تخفيض تكاليف الاستدلال ليكون استخدام النماذج اللغوية الكبيرة أقل تكلفة.
كما عملت كلا الشركتين مع هواوي لكي تكون رقائق أسيند متوافقة مع نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية الرائدة في عملية الاستدلال.
وأعلنت هواوي وسيليكون فلو هذا الشهر، تعاوناً يهدف إلى أن تكون نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بديب سيك متاحة من خلال الخدمات السحابية الخاصة بعملاقة الاتصالات. ونوّه مصدر مطلع، بتعاون ديب سيك مع الشركتين لتكون نماذجها متاحة على رقائق هواوي. البيان