Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبار ساخنةفلسطين

هل يوقف نزع السلاح واستسلام المقاومة عدوان الاحتلال؟.. التاريخ يجيب

أخبار حياة – مع عودة استئناف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في الثامن عشر من شهر رمضان، وبالتزامن مع المطالب الإسرائيلية بنفي قيادات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ونزع سلاحها، عاد التساؤل ذاته الذي تردد في بداية الحرب: “لماذا لا تفعل حماس؟ فهذا أهون الضررين!”، إلا أن هذا الطرح يصطدم بحقائق تاريخية تجعل منه طرحًا فارغ المضمون، بل وكارثيًّا على القضية الفلسطينية برُمّتها وليس فقط حركات المقاومة.

وخلال الأيام الماضية شهدت منصات إعلامية تابعة لبعض الدول العربية حملات تحريض واضحة ضد المقاومة وتحميلها مسؤولية المذابح التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، ومطالبين حماس بتلبية مطالب الاحتلال إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين وتسليم المقاومة سلاحها وخروج قياداتها إلى دول أخرى.

كما دعا بعض مسؤولي السلطة في رام الله حركة حماس إلى تلبية ذات المطالب، بحجة أن تخلي حماس عن السلطة ونزع سلاحها وتسليم أسرى الاحتلال يمكن ألا يفضي إلى وقف العدوان، لكنه يرى أن ذلك ينفي ذريعة الاحتلال أمام العالم لارتكاب تلك الجرائم.

وكانت حركة حماس قد صرحت بموافقتها على التخلي عن إدارة قطاع غزة وألا تكون جزءًا منها مستقبلاً، لكنها في الوقت نفسه شددت على رفضها نزع سلاحها، وتسليم أسرى الاحتلال دون وقف العدوان.

نشطاء شددوا على ضرورة تمسك حماس بسلاحها حفاظًا على بقاء القضية وعدم تصفيتها، وهذا ما عبر عنه الناشط مؤمن الوزان بقوله: “إذا استسلمت حماس أو ألقت سلاحها أو تخلت عن غزة لإسرائيل أو كلابها سيشتمها الجميع ولن يذكرها التاريخ بعد كل تضحياتها إلا بآخر ما فعلته، ولن يلتمس لها أحد عذرًا ولا حجة.. المناصر قبل المحارب، وما دعوات الاستسلام إلا لينحروها وينحروا فلسطين والفلسطينيين مرة واحدة وإلى الأبد”.

ويضيف الوزان في منشور له على منصة “إكس”: مضى وقت الاستسلام ولا فائدة ترتجى منه إلا ذلة وسبة تلحق الفلسطينيّ أبد الدهر، فكم من أمة من قبل أعطت شهداء يكلّ العد عنهم صاروا اليوم مفخرة لها لأنها انتصرت، وكم من أمة أعطت شهداء لا تحصيهم الأبصار صاروا نبراسًا وآية للعالمين لأنها قاتلت حتى النهاية وهُزمت واقفة”.

ويتابع الوزان: “إن لم تنتصر حماس فيسعها الموت واقفة، لكن إن رضيت بمرارة الهزيمة وذل الاستسلام فلن يُغفر لها ذنوبها بل ستُحمّل حتى ذنوب الصهاينة، وستكون منزعًا ينزع فيها كل رذيل رذالته وكل سافل سفالته وكل مجرم جريمته، والموت أهون من ذل وعار لا يمحوه ولا يغسله حتى الموت”.

أما الناشط بلال خالد فيقول: “هل عندما ألقت منظمة التحرير سلاحها ووقّعت “السلام”، توقّف الاحتلال عن القتل والاستيطان؟ الواقع يقول: زاد القتل وتمادى الاحتلال”.

ويضيف خالد: “من يطالب بتسليم سلاح المقاومة، إما جاهل أو جبان.. الحرية لا تُمنح بالاستسلام، والكرامة لا تُصان بالتسول.. إذا كنت تريد حياة، فقاتل من أجلها”.

ويعود رفض حركة حماس الاستجابة لتلك الدعوات إلى قراءة تاريخية لوقائع مماثلة خلال العقود الماضية؛ حيث وقع الكثيرون في خدعة نزع الذريعة عن المحتل في مقابل وقف عدوانه، وقاموا بتلبية مطالبه، لكن كانت النتائج أكثر كارثية مما كانوا يتوقعون، ولم تُسفر هذه الخطوات إلا عن مزيد من تراجع القضية الفلسطينية وتوسع نفوذ الاحتلال فضلا عن القضاء على الرموز الوطنية في عمليات اغتيال حتى بعد أن تركوا أسلحتهم وغادروا أوطانهم.

وهذا ما سرده الناشط محمود هنية بقوله: ليش الأخضر ما يسلم؟! لأصحاب الذاكرة السمكية إليكم بعض الحقائق التاريخية:

-الحدث عام 1936: دعوة لوقف أكبر انتفاضة شعبية شهدها التاريخ الفلسطيني واستمرت لـ6 أشهر؛ وتم تشكيل أذرع عسكرية مسلحة محلية تابعة لعوائل من أجل إيقافها.
=النتيجة: نكبة فلسطين عام 1948

-الحدث 1948: وقف المقاومة المحلية وترك الأمر طرف الدول العربية لمحاربة العصابات اليهودية.
=النتيجة: احتلال فلسطين والتخلي عن 78% من أرضها للاحتلال.

-الحدث: عام 2002: تم الطلب من السلطة اعتقال أحمد سعدات وقتلة الوزير المجرم رحبعام زئيفي واعتقال مسؤول الإدارة المالية العسكرية بالسلطة فؤاد الشوبكي؛ مقابل رفع الحصار عن الرئيس عرفات.
=النتيجة: إعدام الرئيس عرفات واغتياله.

-الحدث عام 82: وبعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 520 انسحبت منظمة التحرير من لبنان.
=النتيجة: بعد 16 يوما بالضبط ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة صبرا وشاتيلا واستشهد على إثره 4 آلاف شهيد؛ بقروا بطون الرجال وذبحوا النساء والأطفال.

-الحدث من 2005-2015: سحبت السلطة أسلحة الأجنحة العسكرية وحلتها؛ لقاء دولة فلسطينية مستقرة اقتصاديا؛ وإنهاء معاناة المواطنين.
=النتيجة: الاستيطان التهم 60% من الضفة؛ بلغة الأرقام.

-قبل 2005: كان هناك حوالي 244,000 مستوطن في الضفة الغربية، وفقًا لإحصائيات 2004.
=بعد 2005: ارتفع عدد المستوطنين بشكل كبير، ليصل إلى حوالي 700,000 مستوطن في 2024، موزعين على أكثر من 200 مستوطنة وبؤرة استيطانية.

ويُفصّل الكاتب والباحث التاريخي عبده فايد العديد من هذه الحقائق التاريخية بقوله: “لماذا لا تقبل الحركة بإلقاء السلاح؟، ولماذا لا يذهب قادتها للمنافي الاختيارية حتى يتجنب المدنيون في غزّة ويلات الدمار؟، لماذا لا تستسلم حماس؟.. سوف أجيبك.. ارجع فقط بالتاريخ لحدود يوم 6 يونيو 1982.. في الساعة العاشرة صباحًا وقف أحد الضباط الكبار في بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان بين جنوده، وكان اسمه تيمور جوكسل.. كان يعتقد أن اليوم روتيني كغيره، ثم فجأة وجد أمامه عشرات الدبابات الإسرائيلية تتقدم في بطء.. استوقفها.. مهمته تقتضي منعها من التقدم.. وضع العراقيل المعدنية.. تعطلت دبابة ثم اثنتين ثم عشرة ثم نفذت منه أدوات الإعاقة، فسأل أحد الجنود الإسرائيليين: ما الذي تفعلونه؟.. هذا خطأ.. (كانت التعليمات الواردة للجندي الإسرائيلي أن يتصرّف بأدب مع البعثة الأممية)، فأجاب: سيدي.. هذا غزو”!.

ويضيف فايد: “بعد ساعتين وقف تيمور جوكسل مع الظباط الفرنسيين في البعثة، فوجدوا في الأفق 1200 دبابة إسرائيلية.. صعقوا وقرّروا السماح للإسرائيليين بالتقدم، يومها قال الظابط الفرنسي: لا نمتلك حتى في الجيش الفرنسي نصف الدبابات التي عبرت اليوم.. كان ذلك إيذانًا ببدء الغزو الإسرائيلي للبنان.. كانت إسرائيل تُعد العدّة لهكذا غزو.. عملية اغتيال مشبوهة لدبلوماسي إسرائيلي في لندن واسمه شلومو أرجوف، وجدت فيها تل أبيب المُبرّر لعملية الغزو.. اتهمت إسرائيل حركة فتح بتدبير الاغتيال، وأنه لا بد من غزو لبنان لطرد الفصائل الفلسطينية المقاتلة، وتطهير دول الطوق من أية أعمال عسكرية ضد الإسرائليين”.

ويتابع فايد: “هل تشاهد حصار غزّة الآن؟..سبق وجربّت إسرائيل نسخة مروّعة منه في بيروت (بيروت الغربية تحديدًا)؛ قصفت إسرائيل العاصمة اللبنانية قصفًا مروعًا لم يسبق أن شاهده العرب.. قطعت المياه والكهرباء ومنعت دخول الدواء والغذاء.. كانت إسرائيل تبحث عن ياسر عرفات تحديدًا، ومن بعده صلاح خلف (أبو إياد) وخليل الوزير (أبو جهاد) وكلاهما مسؤول لعقود طويلة عن الأمن والتدريب والمخابرات في حركة فتح.. كان عرفات يهرب من منزل لمنزل، ويسانده في ذلك فصائل لبنانية تحالفت مع الفلسطينيين وخصوصًا الحزب الشيوعي اللبناني، وحركة أمل، والدروز بقيادة وليد جنبلاط.. بدأت الوساطة الأمريكية: خروج عرفات ورجاله من بيروت مقابل وقف الحصار وانسحاب إسرائيلي من بيروت.. صفقة تبدو عادلة للوهلة الأولى، لكن أتدري لماذا رفض الفلسطينيون في البداية الانسحاب؟!.

وأردف الباحث التاريخي: “هذا سوف يقودنا لأسوأ هزيمة جويّة تعرّض لها جيش عربي بعد حرب 1967، وكانت من نصيب سوريا الأسد.. قبل قيام إسرائيل بغزو لبنان كانت تعلم جيدًا أن القوات السورية موجودة لتأمين الخط الواصل بين دمشق وبيروت وتتمركز بأعداد كبيرة في منطقة سهل البقاع اللبنانية.. كان ذلك جزءًا من الترضية الأمريكية للأسد بعد حرب 1973.. أن يُسمح للسوريين بنفوذ عسكري في لبنان، مقابل التخلي عن حلم تحرير الجولان.. وكانت إسرائيل لا ترغب في استفزاز الوجود العسكري السوري في لبنان حتى تتقدّم قواتها بسهولة.. ثم كانت الكارثة”.

وأكمل: “وقف مناحم بيجن أمام الكنيست الإسرائيلي يُعلن أن سوريا ليست مستهدفة في لبنان، وذهب المبعوث الأمريكي فيليب حبيب لدمشق والتقى حافظ الأسد شخصيًا وأخبره أن إسرائيل لن تمسّ القوات العسكرية السورية في سهل البقاع، واطمأن حافظ الأسد وابتلع الطعم.. لكن في 9 من يونيو 1982.. باغتت إسرائيل الجيش السوري في سهل البقاع بهجوم كاسح، وفي ساعتين زمن فقط دمّرت الفانتوم الإسرائيلية 90 طائرة مقاتلة سورية وقتلت ما يزيد عن ألف جندي فيما سوف يعرف بمعركة “سهل البقاع”.. مجزرة للطائرات لم يتسامح معها السوفييت لاحقًا عندما أرسلوا وزير دفاعهم للقاء وزير الدفاع السوري مصطفى طلاس للاستفسار عن سبب الفشل السوري الساحق في استخدام السلاح السوفييتي”.

ويتابع فايد: “كانت سمعة الوساطة الأمريكية بعد سهل البقاع في الحضيض، وعلم الفلسطينيون أن الاستسلام بالشروط الأمريكية يعني سحقًا كاملًا، وبالتالي استمرت المقاومة لمدة تزيد عن الـ 70 يومًا.. صمد عرفات ورجاله، لكن حلفاء عرفات وبعد سقوط أكثر من 18 ألف قتيل مدني في بيروت لم يعودوا يحتملون الأمر.. حركة أمل انسحبت لتأمين الضاحية الجنوبية، بينما نصح وليد جنبلاط عرفات -برفق- أن يُنهي المعركة وينسحب من لبنان، ولم يعد باستطاعة الشيوعيين الصمود أكثر من ذلك رغم استبسالهم في الدفاع عن عرفات، فكان أن قبل عرفات بالصفقة.. خروج من بيروت صوب تونس رفقة ألفي مقاتل فلسطيني بسلاح خفيف، ولأول مرّة أصبحت دول الطوق بكاملها آمنة لإسرائيل.

ويضيف الكاتب: “استسلمت منظمة التحرير وخرجت من بيروت.. فليعمّ الأمن الأمريكي والسلام الإسرائيلي إذن.. بالطبع.. سيرى الفلسطينيون بأم أعينهم معنى الرفاه والرخاء الإسرائيلي بعد استسلام المقاومة.. بعد 16 يوم فقط من خروج عرفات إلى تونس.. وتحديدًا بتاريخ 16 سبتمبر 1982.. اتفق وزير الدفاع الإسرائيلي أرئيل شارون، ورئيس أركانه رافائيل إيتان مع قادة ميلشيا القوات المارونية اللبنانية وبالأخص إيلي حبيقة ومارون مشعلاني على سحق المدنيين الفلسطينيين في صابرا وشاتيلا.. أضاءت قوات شارون سماء المخيم بالقنابل الفسفورية، وتقدّمت الميلشيات اللبنانية صوب المخيمات وقتلت في 3 ساعات أكثر من 3000 مدني فلسطيني، بأبشع الطرق، بقر البطون وقطع الأثداء”.

ويقول فايد: “لعلك الآن تُدرك لماذا لا تستسلم حماس.. حافظ الأسد صدّق الإسرائيليين في سهل البقاع وسحقوه، ياسر عرفات انسحب من بيروت وقتلوا 3 آلاف فلسطيني، لكن مهلًا.. ما تزال هناك أسباب أخرى.. القادة الفلسطينيون أنفسهم لم ينجوا لاحقًا.. هل تعلم أن الطيران الإسرائيلي قصف تونس؟، كان ذلك في صباح الأول من أكتوبر من العام 1985، وتحديدًا مدينة حمّام الشطّ على بعد 50 كم من العاصمة التونسية.. سلسلة غارات متتالية على مقرات منظمة التحرير والهدف اغتيال عرفات.. لكن عرفات نجا وقُتل 50 فلسطيني و15 تونسي.. العهد الأمريكي لعرفات كان ضمان سلامته الشخصية، وهذا ما جناه.. محاولة اغتيال.. صحيح فشل الإسرائيليون في اغتيال عرفات، لكنهم بالتأكيد سينجحون في تونس.. بدل المرة اثنتين”.

مجزرة صبرا وشاتيلا1

ويوضح فايد أن “الأولى في 16 إبريل 1988.. يومها ذهبت قوة إسرائيلية إلى الشواطئ التونسية.. كانت تضم 16 من صفوة ضباط الشاباك والموساد والشين بيت وسيريت ميتكال ويتقدمهم إيهود باراك.. نزل منهم 8 لبيت خليل الوزير، وأردوه أمام ناظري زوجته ب 76 رصاصة، وبعد 3 سنوات وتحديدًا 14 يناير 1991.. سيقوم أحد أكثر الشخصيات الفلسطينية المشبوهة – والذي يُعتقد بعمالته للموساد في كثير من الدوائر- وهو صبري البنا المُكنّى بأبي نضال، بتجنيد أحد أعضاء فريق تأمين القيادي الفتحاوي هايل عبد الحميد الشهير بـ “أبي الهول”، وكان العميل الخائن هو حمزة أبو زيد.. دخل أبو زيد غرفة يجتمع فيها صلاح خلف ( الرجل رقم 2 في حركة فتح) وفخري العمري وأبو الهول، وأرداهم جميعًا بالرصاص.

ويلخّص فايد مقاله بالقول: “هل تعلم الآن لماذا لا تستسلم حماس؟.. لأنها ترى المستقبل بعين التاريخ.. ترى تطهيرًا عرقيًّا سيبدأ على نحو لم يسبق له مثيل.. ترى موجات تهجير إجبارية لأهالي القطاع.. ترى سلطة عميلة للاحتلال تنتقم من ألوف العوائل الفلسطينية بحجة دعم المقاومة، والأهم.. ترى أرضًا فلسطينية أُخرست فيها صوت البندقية للأبد، وحلّ محلها تطبيع، يعيش فيه الفلسطينيون عبيدًا ما تبقّى من أعمارهم للإسرائيليين.. هل تعلم الآن لماذا لا تستسلم حماس؟، وهل تعلم أن الإسرائيلي لا يؤمن وعده والأمريكي لا يُضمن عهده؟، هل تعلم أن المُلام الوحيد هو الصهاينة، وأن من عليه إيقاف الحرب هم الصهاينة.. وحدهم لا غير.. هل تعلم؟.. هل تتعلّم؟.

  1. في صباح السابع عشر من سبتمبر عام 1982م استيقظ لاجئو مخيمي صبرا وشاتيلا على واحدة من أكثر الفصول الدموية في تاريخ الشعب الفلسطيني الصامد، بل من أبشع ما كتب تاريخ العالم بأسره في حق حركات المقاومة والتحرير.
    ↩︎

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أخبار حياة