Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصادالرئيسية

حرب الرسوم.. هل يبعث ترامب مارد “الركود السبعيني”؟

أخبار حياة – لا يزال العالم ينتفض تحت تأثير إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية شاملة على واردات من أكثر من 90 دولة، قبل نحو أسبوع، في خطوة وصفها بـ”يوم التحرير”.

وبينما تترنح الأسواق، وتتراجع المؤشرات العالمية، برز سؤال اقتصادي تفرضه ضرورة تحليلية استشرافية؛ هل يعود الركود التضخمي من مدفنه في السبعينيات؟

كابوس معقّد

الركود التضخمي كما يعبر عنه كبار الاقتصاديين العالميين، حالة نادرة كابوس معقّد تجتمع فيها مصيبتان؛ التضخم الحاد (ارتفاع الأسعار)، والركود الاقتصادي (تباطؤ أو انكماش النمو، وارتفاع البطالة).

وفي حين تتعارض الظاهرتان نظرياً، فإن التاريخ يثبت أن صدمات قوية مثل أزمة النفط في السبعينيات، قادرة على رسم هذا الكابوس الاقتصادي حقيقة واقعة.

اليوم تظهر ملامح شبيهة، فمن جهة تسبب قرار ترامب بفرض تعريفات جمركية مرتفعة (وصلت إلى 145% عند كتابة هذه السطورعلى الصين، و10% على بقية الدول العالم مؤقتاً) في اضطراب سلاسل الإمداد، وزيادة محتملة في أسعار السلع المستوردة.

ومن جهة أخرى، يخشى الاقتصاديون من أن تدفع هذه الرسوم، إضافة إلى احتمال خفض قيمة الدولار، الاقتصاد الأميركي إلى الركود، ما سيؤدي الضرورة إلى ركود عالمي.

أصداء الصدمة

تستدعي تحليلات المدى القصير لما نعيشه حالاً، أزمة السبعينيات، حين تسببت صدمة النفط في ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو، بسبب التكاليف الإنتاجية المرتفعة.

حينها، فشلت السياسة النقدية في ضبط التضخم، واستمرت الأزمة سنوات حتى جاء بول فولكر الرئيس الثاني عشر للاحتياطي الفيدرالي في 1979 ليكبح جماح الأسعار بأسعار فائدة غير مسبوقة.

المشكلة أن الأزمة الحالية أزمة مصطنعة، لكن تأثيرها مشابه: الرسوم الجمركية المفروضة على الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تهدد بزيادة كلفة الواردات الأميركية، ورفع أسعار السلع الاستهلاكية والصناعية.

ومع ضعف نمو الأجور الحقيقي وارتفاع كلفة المعيشة، تصبح الطبقة الوسطى الأميركية في قلب المعركة التضخمية.

ملامح ظاهرة

رغم أن النمو الأميركي ما زال إيجابياً، فإن علامات التباطؤ واضحة، فحسب أحدث بيانات وزارة التجارة، انخفض نمو الناتج المحلي في الربع الأول من 2025 إلى 1.2% فقط، مقارنة بـ2.4% في نهاية 2024. وفي الوقت ذاته، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) إلى 5.8% على أساس سنوي، وهي نسبة مرتفعة بالنظر إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي.

في المقابل، تتسارع توقعات التضخم المستقبلية، خاصة بعد تلميحات داخل إدارة ترامب إلى إمكانية خفض قيمة الدولار لتحفيز الصادرات، ورغم أن ذلك قد يساعد الصناعة الأميركية نظرياً، فإنه يفتح الباب أمام استيراد تضخم خارجي ورفع أسعار السلع بالدولار، ما يضع الاحتياطي الفيدرالي في مأزق.

لماذا الصين؟

ليست الصين وحدها المستهدف، لكنها الخصم الاستراتيجي الأساسي، فترامب يرى أن الصين تستفيد من انفتاح الأسواق الأميركية، وتحافظ على فائض تجاري ضخم معها، لكنه ربما لم يحسب أن الخطورة تكمن في أن الصين قد تُقابل الرسوم بإجراءات انتقامية، وهو ما حدث بالفعل، إذ أعلنت بكين عن تعريفات مضادة على منتجات زراعية وتكنولوجية أميركية، ما يعمّق احتمال تعثّر التجارة العالمية.

هذا التوتر يعيد إلى الأذهان روح الحرب التجارية في 2018–2019، لكن مع اختلاف جوهري: العالم اليوم أكثر هشاشة، وسلاسل الإمداد لا تزال تتعافى من جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، والطلب الاستهلاكي في تباطؤ.

وعليه، فإن إضافة مزيد من الحواجز التجارية في هذا السياق يمثل وصفة جاهزة للركود التضخمي.

حتمية

ليس بالضرورة أن يصل العالم إلى ركود تضخمي، لكن الاحتمال أقوى مما كان عليه قبل عام. لكن إذا استمرت الولايات المتحدة في فرض الرسوم ودفعت باتجاه خفض الدولار، دون معالجة أثر هذه السياسات على التضخم، فإن النتيجة الطبيعية ستكون أسعاراً أعلى ونمواً أضعف، وإذا ردّت الصين بإجراءات مماثلة، فإن النمو العالمي سيشهد ضغوطاً إضافية.

ما يزيد الطين بلة هو أن البنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي، ليست مستعدة للتيسير مجدداً، فالتضخم ما زال فوق المستويات المستهدفة (2%)، وتخفيف السياسات النقدية تنازل يُفاقم المشكلة.

أخيراً، يراهن ترامب في سعيه لإعادة الهيمنة الاقتصادية الأميركية، على تحجيم المنافسين عبر الرسوم وخفض الدولار، لكن التاريخ يُظهر أن استخدام هذه الأدوات له ثمن غالٍ، فالأسواق العالمية مترابطة، والاقتصادات المتقدمة هشّة أمام الصدمات المركبة.. فهل يعيد التاريخ نفسه تحت ذريعة “التوازن التجاري”؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أخبار حياة