أخبار حياة – كشف التقرير الأسبوعي الصادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، للفترة ما بين 12 و18 نيسان 2025، عن تصعيد لافت في النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مقابل تزايد مؤشرات “الهجرة السلبية” من المستوطنات، ما يعكس تراجعًا في جاذبية المشروع الاستيطاني الإسرائيلي على الأرض.
وبحسب التقرير الذي نُشر امس، فقد وافقت الحكومة الإسرائيلية منذ بداية العام على إيداع والمصادقة على 14,335 وحدة استيطانية جديدة، تركز أكثر من نصفها (52.7%) في أربع مستوطنات رئيسية، أبرزها “معاليه أدوميم” و”بيتار عيليت” و”كوخاف ياكوف”، وكلها تقع في عمق الضفة الغربية.
مغادرة المستوطنات تفوق الدخول إليها
وفي تحوّل نوعي، أشار التقرير إلى معطيات بحثية حديثة نشرتها مجموعة “تمرور” الإسرائيلية، تفيد بأن السنوات الأخيرة شهدت هجرة سلبية متواصلة من المستوطنات، إذ سجلت أربع من السنوات الخمس الأخيرة مغادرة أكثر من قدوم السكان. وفي عام 2024 وحده، غادر 1,596 مستوطنًا الضفة الغربية، في أعلى معدل هجرة منذ عقدين، فيما غادر 284 آخرون “إسرائيل” نهائيًا.
ولفتت المجموعة إلى أن هذه التوجهات مستمرة خلال عام 2025، حيث سُجلت مغادرة 182 مستوطنًا حتى نهاية شباط، مقابل اعتماد الزيادة السكانية على التكاثر الطبيعي، وبنسبة كبيرة داخل المستوطنات الحريدية (المتدينة المتزمتة).
وقال د. شاؤول أريئيلي، رئيس مجموعة “تمرور”، إن الزيادة الكبيرة في البناء الاستيطاني لا تتوافق مع حجم الطلب الحقيقي، معتبرًا أن “الاندفاع الحكومي للبناء خارج الخط الأخضر يعكس توجهاً سياسيًا أكثر من كونه استجابة لحاجة سكنية”.
تراجع ديموغرافي في المناطق (ج)
بيّن التقرير أن نسبة الإسرائيليين في المناطق المصنفة “ج” انخفضت من 82% في 2010 إلى 55% مؤخرًا، ما يعكس تحولًا ديموغرافيًا سلبيًا في المشروع الاستيطاني، يرافقه ارتفاع بمعدلات الفقر، واعتماد متزايد على الدعم الحكومي في المستوطنات.
وأكدت دراسات سابقة لـ”تمرور” أن ثلث المستوطنات شهدت هجرة سلبية صافية، أي أن المغادرين فاقوا الوافدين، فيما استندت 92% من الزيادة السكانية إلى الولادات داخل العائلات الحريدية، لا إلى الهجرة أو انتقال الإسرائيليين الجدد للسكن هناك.
سيطرة عنيفة واستيلاء على أراضٍ واسعة
أبرز التقرير استمرار الاستيطان العنيف، حيث كشف عن توسع غير مسبوق للبؤر الاستيطانية الرعوية، التي استخدمها مستوطنون متطرفون – كثير منهم من أصحاب السوابق – للاستيلاء على ما لا يقل عن 786,000 دونم، أي نحو 14% من مساحة الضفة الغربية. وأفاد أن 70% من هذه المساحات تمت السيطرة عليها خلال العامين ونصف الأخيرين فقط.
ووفق تقارير لمنظمتي “كيرم نافوت” و”السلام الآن”، فإن العديد من هذه الأراضي ليست مصنفة كأراضي دولة حتى وفق المعايير الإسرائيلية، ويقع جزء منها ضمن المناطق (أ) و(ب) الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
تهويد القدس وتسارع في عمليات المصادرة
وفي القدس، قالت محافظة المدينة إن الربع الأول من عام 2025 شهد تصعيدًا غير مسبوق في سياسة التهويد، تمثل في مصادرة 1,398 دونمًا من أراضي المقدسيين، إلى جانب إطلاق مشاريع بنية تحتية استيطانية في قلب الأحياء الفلسطينية. وأبرزت المحافظة التهديد الكبير الذي يشكله مشروع “القدس الكبرى”، الذي يهدف لضم 223 كم² من أراضي الضفة الغربية إلى بلدية الاحتلال، لعزل المدينة عن محيطها الفلسطيني.
انتهاكات متواصلة في مختلف المحافظات
رصد التقرير سلسلة من الانتهاكات الميدانية شملت عمليات هدم وتجريف في الخليل، وبيت لحم، وطولكرم، وسلفيت، ورام الله، والأغوار، حيث هُدمت منازل، وجُرفت أراضٍ، وتعرض مواطنون ومزارعون لاعتداءات مباشرة من المستوطنين، إلى جانب اقتحامات دينية لمواقع مقدسة كما حدث في الحرم الإبراهيمي ومقام يوسف.