Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

الحرب التجارية الأمريكية.. أزمة «عرض البحر»

أخبار حياة – يقع قادة السفن خلال العواصف في عرض البحر، تحت ضغط اتخاذ القرار الحكيم، فالرجوع إلى نقطة الانطلاق يحمل مخاطر عديدة، والاستكمال للرسو في نقطة الوصول يحمل مخاطر أكبر، ويبقى القرار معلقاً بأقل الخطرين، ليظل القرار الحكيم يحتاج للدراسة من أجل النجاة.. ذلك هو الوضع حالياً في قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتصادية، التي حولت العالم لساحة حرب اقتصادية كبرى، حرب ربما البقاء فيها والاستمرار للأكثر عناداً، ولكن الفائز فيها خاسر بكل المقاييس..

وفي تقرير «فاينانشيال تايمز»، أكدت أن الولايات المتحدة تبدو اليوم على بُعد خطوات قليلة من فقدان نفوذها الاقتصادي والسياسي العالمي، في ظل أزمة متصاعدة قد تُغيّر موازين القوى الدولية، وذلك بعد تصعيد جديد في الحرب التجارية التي بدأها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع الصين.. هذه الخطوة التي وُصفت بأنها مغامرة غير محسوبة، قد تكون آخر معركة تخوضها الولايات المتحدة كقوة عظمى.

وفي الأيام القليلة الماضية، فرضت واشنطن رسوماً جمركية وصلت إلى 145% على بعض السلع الصينية، وبلغت 245% في حالات أخرى، في خطوة تهدف إلى الضغط على بكين اقتصادياً.. غير أن رد فعل الصين لم يكن تقليدياً، بل جاء بضربة مزدوجة استهدفت صميم القوة الأمريكية: التكنولوجيا والتمويل.

الصين تستخدم سلاح “المعادن النادرة”

وقررت بكين حظر تصدير مجموعة من المعادن النادرة التي تُعد عنصراً أساسياً في الصناعات التكنولوجية، مثل “الديسبروسيوم” و”التيربيوم”، وهي المواد الخام التي تدخل في تصنيع الشرائح الذكية، وتخدم قطاعات السيارات الكهربائية، والطائرات المقاتلة، وحتى الأسلحة الذكية.

وتشير التقديرات إلى أن كبرى الشركات الأمريكية مثل “تسلا” قد تعاني من نفاد مخزونها من هذه المعادن خلال أقل من ثلاثة أشهر، مما يهدد بوقف خطوط الإنتاج.

وتُظهر البيانات أن الصين تهيمن على نحو 85% من سلاسل إنتاج هذه المعادن على مستوى العالم، بينما لا تملك الولايات المتحدة سوى منجم واحد قادر على تكريرها، ما يعمّق من حدة الأزمة.

ووفقاً لتقرير صادر عن “مركز أبحاث السيارات” في ميشيغان، من المتوقع أن تتكبد شركات السيارات في السوق الأمريكية خسائر تُقدَّر بـ 107.7 مليار دولار، منها 41.9 مليار ستتحملها شركات أمريكية كبرى مثل “جنرال موتورز” و”فورد”، كما سترتفع أسعار السيارات المُصنّعة محلياً بنحو 3,600 دولار للسيارة الواحدة، بينما ستقفز أسعار المستوردة بنحو 6,000 دولار.

ولم تكتفِ الصين بالرد الاقتصادي فحسب، بل بدأت فعلياً بتقويض هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي، من خلال تعزيز استخدام اليوان الرقمي هذا النظام الذي تم ربطه حتى الآن بـ 16 دولة، من بينها السعودية والإمارات ومصر وقطر، ويتيح تنفيذ التحويلات خلال 7 ثوانٍ فقط، ويقلص الرسوم بنحو 98% مقارنة بالنظام العالمي القديم «سويفت».

وتعمل دول “البريكس” على إطلاق نظام جديد للمدفوعات باستخدام العملات المحلية في خطوة تهدف إلى تقليص الاعتماد على الدولار.

كل تلك الخطوات التي تتخذها الصين، والتي تجعلها تبدو هادئة وواثقة في قراراتها يقابلها

تراجع داخلي في الدعم الشعبي لترامب، فتواجه الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها دونالد ترامب، انتقادات لاذعة، وأظهرت استطلاعات شبكة سي إن بي سي أن 55% من الأمريكيين يرفضون سياسات ترامب الاقتصادية، بينما يرى 49% أن الحرب التجارية تمثل كارثة على الأسر والعمال، كما انخفض الدعم الجمهوري له داخل الكونغرس بنسبة 20 نقطة.

وبات الأمر غير مستقر على كافة الأوجه بالنسبة للإدارة الأمريكية، التي اتخذت خطوة لفرض النفوذ ارتد عليها، وأصبح التراجع عن القرارات يؤدي لنتائج كارثية، والاستمرار فيها ربما أكثر كارثية.

الركود يطرق الأبواب 

ويتخوّف خبراء اقتصاديون من دخول الولايات المتحدة لنفق مظلم ومرحلة ركود حقيقي، وسط مؤشرات على هروب المستثمرين من سوق السندات الأمريكية وتراجع الثقة العالمية في الدولار، في وقت بدأ فيه الروبل الروسي، حسب تقارير صحيفة “فاينانشال تايمز”، في تحقيق أداء اقتصادي يُعد الأقوى بين العملات العالمية في عام 2025.وفي ظل هذه التطورات المتسارعة، يرى محللون أن الحرب التجارية قد تتحول إلى أزمة اقتصادية عميقة تهدد مكانة الولايات المتحدة كقوة مهيمنة في الاقتصاد العالمي، وفي الوقت الذي كانت الأهداف التي رمت إليها الإدارة الأمريكية بفرض النفوذ وإظهار القوة، ربما ارتدت عليها القرارات، وأدت لنتائج عكسية، أعطت الصين القوة وأظهرتها بمظهر الشجاع الواثق اقتصادياً، في حين أي قرار لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الآن سواء بالاستمرار في القرارات أو التراجع عنها قرار مثل القرار الحكيم صعباً، فالرجوع إلى بر الإقلاع يحمل مخاطر عديدة، والاستكمال للرسو في نقطة الوصول يحمل مخاطر أكبر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أخبار حياة