د. خالد الوزني
السياسات العامة للدول هي القناة التي تحقِّق دور الحكومات في تقديم خدمات وسلع عامة لدافعي الضرائب، وبالرغم من أنَّ المتعارف عليه أنَّ الحكومات مسؤولة عن تقديم خدمات ملموسة للعامة، سواءً كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر عبر التعهيد، فإنَّ تقديم العديد من الخدمات غير الملموسة للعامة يُعدُّ في كثير من الأحيان أهم بكثير من مجرد تقديم خدمات الكهرباء، والمياه، وإصدار الهوية الشخصية أو جواز السفر أو رخصة القيادة.
وبالرغم من أهمية جميع تلك الخدمات الملموسة التي نراها، أو نلمسها فعلياً، فإنَّ العديد من الخدمات غير الملموسة، وحتى غير المرئية، تُعدُّ في كثير من الحالات أهم للمجتمع من مجرد الحصول على أيٍّ من الوثائق أو الخدمات المشار إليها سابقاً.
ومن هنا فإنَّ مصداقية الحكومات أمام دافعي الضرائب حول العالم تتعلق بمدى تحقُّق منظومة الخدمات غير المرئية وغير الملموسة أكثر من غيرها من الخدمات. فمن ناحية، تعدُّ العمليات الاستخبارية التي تقي المجتمع كثيراً من التهديدات الأمنية، العصب الرئيس في مظاهر الأمن والأمان التي قد يشهدها المواطن بعينه، ومن ناحية ثانية، يعد دور الحكومات في استشراف مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمستقبلية ووضع توقعات مستقبلية تصل إلى عشرات السنوات، وباستخدام بيوت الخبرة المتخصصة، في نفس أهمية، إن لم يزد على، توفير السلع والخدمات في السوق، وعدم انقطاعها، بل إنَّ العمل الاستخباري الذي يجب أن تقوم به الحكومات لصالح معرفة توجُّهات الأسواق وتوقعاتها، أهم من مجرد توفير السلع والخدمات فيها.