بلال العبويني
أخبار حياة – ربما ليس جديدا الحديث عن مشاريع عربية سواء على صيغة التحالفات السياسية أو وفقا لرؤية اقتصادية.
في هذا السياق يأتي مشروع الشام الجديد الذي يضم مصر والعراق والأردن، عنوانه أن العراق تمتلك ثروة نفطية مهمة في حين أن مصر تمتلك قوى عاملة والأردن يمتاز بالموقع الاستراتيجي متوسطا بين الدولتين العربيتين.
غير أن مشاريع من هذا النوع قد يكون أمامها الكثير من الألغام لتخرج من حيز الكمون والتخطيط إلى حيز الفعل الحقيقي على أرض الواقع.
في الأشهر الماضية شهدت الدول الثلاث حراكا على مستويات القادة والوزراء، ما يشير أن المشروع يسير على قدم وساق، والأمل معقود على أن لا يكون مصير المشروع كمصير المشاريع العربية السابقة.
في الواقع، مشروع الشام الجديد لا يمكن النظر إليه على أنه مشروع تكاملي اقتصادي فحسب، فلا بد أن يتبع ذلك تنسيقا سياسيا قد يتحول في أي لحظة إلى ما يشبه الحلف، غير أن السؤال هل تستطيع الدول الثلاثة تشكيل حلف سياسي اقتصادي بمعزل عن دول الجوار العربي على أقل تقدير.
ثمة عوائق لا بد من وضعها هنا، وتتمثل أولا بالتركيبة الداخلية للدولة العراقية، ونفوذ الكتل والجماعات والميليشيات في مفاصل الدولة، المرتبط الكثير منها بإيران، التي تمتلك قوة التغيير والتعطيل على أي من المشاريع العراقية، حتى على مستوى تعيين المناصب العليا أو إقالتها.
وبالتالي، الأردن ومصر محسوبتان تاريخيا على دول الاعتدال العربي الذي يضم ايضا دولا خليجية فيما يقابله تحالف نقيض تعتبر إيران محورا رئيسيا فيه، ما يطرح سؤالا جوهريا عن مستقبل مشروع الشام الجديد ضمن هذا السياق “التحالفاتي” إن جاز التعبير.
هل تعطل إيران المشروع؟ سؤال مطروح كما يُطرح سؤال في المقابل متعلق بدول الخليج العربي ومدى معارضة أي منها لمشروع الشام الجديد تحت عناوين التخوف من التقرب من إيران او تناقض المصالح؟
الظاهر أن دول الخليج العربي لم تبد حتى اللحظة أي معارضة ضد المشروع؟ فيما يشير اندفاع الرئاسة العراقية نحو تحقيق المشروع إلى أن إيران لا تقف في طريقه لعرقلته، كما كان في السابق إبان بدء المناقشات حيال مشروع انبوب النفط البصرة العقبة.
في المقابل، صحيح أن سوريا منهكة اليوم اقتصاديا وسياسيا بفعل الحرب التي اشتعلت داخلها مدة عقد من الزمان، إلا أن المشروع يطلق عليه اسم “الشام الجديد”، فهل من الممكن اسقاط دولة شامية أصيلة مثل سوريا بالإضافة إلى لبنان وفلسطين من المشروع؟.
سوريا، تعد مركزا مهما في أي مشروع تكامل اقتصادي في المنطقة، وهي التي تمتلك مؤهلات تمكنها من ذلك، سواء ما ارتبط ذلك بالزراعة أو بالحرفيين على سبيل المثال.
غير أنها في المقابل، ترتبط بعلاقات استراتيجية سياسية واقتصادي وعسكرية مع إيران، فكيف سيكون عليه الحال بتغييب دولة مثل سوريا عن تحالف شامي؟.
الربيع العربي، وما تلاه من جائحة كورونا التي أشرت بوضوح إلى أن هناك أزمة غذاء عالمية، وأن أي من الدول قد لا تكون قادرة على تأمين غذائها بنفسها، بالتالي إن قد يكون من الممكن عقد اتفاقيات شراكة أو تكامل اقتصادي بين دول المنطقة على الأقل وإن كانت تختلف بالسياسة.
وذلك يتطلب المزيد من التنسيق والتشاور وعقد الاتفاقيات البينية على قاعدة (رابح رابح)، بحيث تستفيد كل دولة من المشروع التكاملي، بالحدود التي تحتاجها.
من هنا، فإن الحاجة الماسة أن لا تكون الاتفاقيات بين دول المنطقة اقتصادية جامدة فحسب، من دون النظر إلى البعد السياسي والدول المؤثرة فيه، هذا من جانب ومن آخر فإن الحديث عن تكامل اقتصادي لا يمكن أن يقتصر على دولتين أو ثلاث دول فقط، فكلما كان الاتفاق واسعا يكون ذا جدوى اقتصادية تكاملية أكثر؟
لذا، السؤال الذي كان دائما ما يطرح ومفاده، هل يمكن فصل المصالح الاقتصادية عن السياسية وتحديدا في منطقتنا العربية؟.
قد يكون جوابه اليوم ان عالمنا العربي بدأ بالتغير على ما يبدو في إدراك أن العلاقات بين الدول قائمة على المصالح المشتركة والمنفعة المتبادلة وليس على قواعد أخرى هي أبعد ما تكون عن منطق السياسة والاقتصاد.