موائد رمضانية للطيور في عمان.. بقايا الطعام لم تذهب هدرا

اخبار حياة – يقوم عمانيون بمهنة إنسانية يومية تتمثل بجمع الفائض من الخبز والأرز من البيوت وأطراف “الحاويات” وتقديمها للطيور على شكل مائدة جماعية تستقطب آلاف الطيور البرية.

على غرار المشاهد الملتقطة من المسلسلات والمشاهد التلفزيونية، تتنازل الطيور البرية عن حريتها مقابل وجبة طعام يومي، وتجتمع حول الناس الذين يجمعون لها تلك البقايا.

في إحدى مناطق عمان الغربية، شكلت هذه الظاهرة معلما في المدينة، حيث يجتمع الأطفال وأهالي المنطقة بشكل يومي ويقدمون بقايا طعام منازلهم لتلك الطيور.

جرش

في جرش، انطلقت مبادرة فردية للسبعيني محمد العياصرة، والتي كانت بالتزامن مع مبادرة أخرى قام بها وتمثلت بجمع نسخ من القرآن الكريم وترميمها وذلك منذ عام 1970.

وإلى جانب ما يقوم به العياصرة من جمع بقايا الطعام وتوزعيها على الأسر المعوزة، يقوم العياصرة بتوزيع التالف من الطعام للطيور على شكل مائدة يومية.

يبدأ المسن بنثر بقايا الطعام وتحديدا من الأرز فوق قطعة السجاد الصغيرة، لتأتي إليه الطيور مسرعة وتجتمع على إطار مائدة واسعة من الأرز وبقايا الوجبات الرمضانية.

يقول العياصرة:”هذا الطعام هو فائض عن حاجة الناس في وجبات إفطارهم برمضان، ورميه دون الاستفادة منه هدر وإفساد سنحاسب عليه يوم القيامة”.

وتابع: “أقوم بذلك منذ عام 1970، وهي مبادرة تزامنت مع مبادرة إصلاح النسخ التالفة من المصاحف وترميمها، وهي لا تقل أهمية بالأجر عنها”.

وأضاف “على مدار تلك السنين، وخلال شهر رمضان المبارك، أقوم بنشر رقم هاتفي المحمول وتعميمه على الناس، وأطلب منهم إبلاغي بما يفيض عن حاجتهم بعد تناول الإفطار”.

واستدرك “أذهب إليهم بسيارتي بمساندة أبنائي وأحفادي، ونقوم بجمع كل الكميات الموجودة، ثم نبدأ العمل عليها، وذلك بتغليف الصالح منها وتوزيعه على المحتاجين، والتالف أقدمه هنا لهذه الطيور”.

وأوضح العياصرة أن “شهر رمضان هو موسم لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين الناس، وفرصة لنيل الأجر والثواب، وهذا ما أحرص عليه، فأنا لا أبغٍ إلا وجه الله”.

أما بالنسبة للطيور، فقد اعتبر بأنها “كائنات تحصل على طعامها من البريّة، وبهذه الطريقة أهون عليها البحث، وأحفظ بقايا الطعام من أن تلقى مع النفايات، وهذا أمر سيحاسبنا الله عليه”.

يقول، أستاذ الشريعة بالجامعة الأردنية، محمد الخطيب “مما لاشك فيه أن الإنسان المسلم ملتزم دائماً بعدم الإسراف في الطعام، وذلك لقوله تعالى ولا تسرفوا إنا الله لا يحب المسرفين”.

وأضاف “ذلك لأن الإسراف في الطعام يؤدي إلى محق البركة في نعم الله عز وجل، ولهذا نجد أن الكثير من الناس وخاصّة في شهر رمضان، يكثر من أصناف الطعام الكثيرة، والتي في نهاية المطاف لا يُأكل إلا القليل منها، وهذا يؤدي إلى ضياع الكثير من الطعام ورميه في القمامة، وهذا دليل على أن الإسراف يؤدي إلى غضب الله عز وجل على الإنسان”.

وزاد الخطيب “لهذا، فإن عمل الخير الذي يقوم به هذا الشخص الصّالح يدل على تعظيمه لنعم الله عزّ وجل، التي يجب على الإنسان المحافظة عليها، وخاصة في ظل وجود الكثير من الفقراء والمساكين الذين نجدهم في أرجاء الوطن بحاجة ماسة إلى الطعام حيث لا يجدون شيئاً يقتاتون به”.

ولفت “إن هذا العمل الخيري هو عمل يؤجر عليه (العياصرة) أجراً كبيراً بإذن الله؛ لأنه يقوم بحفظ هذه النّعم وإعطائها لمستحقيها، وكذلك بقية الطعام يطعمها لمخلوقات الله عز وجل”.

وختم الخطيب: “هذا إن دلّ على شيء يدل على قدرة هذا الإنسان الفاضل في عمل الخير للإنسان والحيوان، فجزاه الله خيراً، ويجب على كل مسلم أن يقتدي بهذا العمل الخيري؛ لأنه يدل على خوفه من الله وخوفه على نعم الله عز وجل”.

إهدار الطعام

قال مدير برنامج الأغذية في منطقة الفاو طلال الفايز إن هدر الطعام يحتاج إلى زيادة التوعية بأهمية الحفاظ على الطعام في ظل ارتفاع الأسعار ومعاناة الدول من الأمن الغذائي.

وأضاف في حديث سابق لـ”اخبار حياة”، ما يهدر من الطعام يكفي الكثير من العائلات المستورة لأسابيع.

وأفاد أن هدر مليون طن طعام سنويا في الأردن يعتبر مأساة كبرى، داعيا إلى تغيير بعض العائدات التي تسهم في اهدار الطعام.

ودعا المواطنين إلى عدم القاء الطعام في سلال المهملات، ووضعه في بنوك الطعام للتبرع به للعائلات الفقيرة والمحتاجة.

ولفت إلى أن وقف هدر الطعام يقلل من الخسائر المالية الكبيرة ويساعد في الحفاظ على صحة المواطنين.

بدوره قال الناطق الإعلامي باسم جمعية حماية المستهلك حسين العموش إن المناسبات العامة يهدر فيها كميات كبيرة من الطعام، كنوع من التباهي والتفاخر.

وأضاف العموش في حديث لـ”اخبار حياة”، أن التفاخر في المناسبات من العادات السلبية القائمة التي يهدر فيها طعام بكميات كبيرة.

وبيّنَ أن الكميات المهدورة من الطعام في غالبيتها تذهب للنفايات ولا يستفيد منها أحد، داعيا إلى حفظ الطعام بشكل جيد، وعدم رميه، حتى يستفيد منه الفقراء.

وأشار إلى أن الكميات المهدورة تزيد من الاستهلاك وتؤدي الى رفع أسعار السلع.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات