فايز الفايز
لم تكد الأخبار تشتعل على محطات التلفزة العالمية عن العمليات العسكرية النوعية التي أطلقها زعيم كتائب القسام محمد الضيف واستغرقت عدة ساعات، رداً على الأشهر والأسابيع الماضية التي قادتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد مدن الضفة الغربية والمخيمات، وقضى فيها عشرات الشبان، حتى خرجت البلدان الداعمة للكيان الصهيوني للتنديد بعملية «طوفان الأقصى» التي كشفت كم هي الإدارة الإسرائيلية هشة وبعيدة عن الواقع، ليس في صراعها الداخلي وحسب، بل عدم منح مواطنيها الآمان الذي لم ينعموا به طيلة تسعة وسبعين عاماً، قضتها في حروب واغتيالات، يقابلها التهديد لأبسط مشاعر الإنسان الفلسطيني، حيث يقتل العربي وكأنه أرنب برّي.
قادة الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا وقيادة حلف شمال الأطلسي وغيرها من الدول التي لا ترى سوى بعين واحدة، صبوا جام غضبهم على منظمة حماس وكتائب القسام وغيرهم من المقاومين، ولم يطرح أحد من قادة تلك الدول أي تسوية لإنهاء الصراع الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني، الذي فقد أرضه وتشرد عبر عشرات العقود المُرّة، و باتوا كالطرائد، فأين العدالة أيها العالم المتمدن.
لو استعرضنا تاريخ الحروب ما بعد الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام وكمبوديا، لن نجد سوى استهداف الجيوش الغربية لدول العالم الإسلامي، ابتداءً من الصومال وليبيا وإفغانستان بعد انسحاب جيش الاتحاد السوفييتي السابق، حتى وصلنا إلى العراق الذي تم تدمير بنيته التحتية عسكرية ومدنية وسياسية، ورغم مجاهرتهم بالعداء لإيران، فإن اللعن على طهران والصواريخ تتساقط على أمة العرب، و حتى هذه اللحظة فإن تلك الدول المساندة لإسرائيل تدعمها بالقضاء على جميع الفلسطينيين لو استطاعوا
لا شك أن رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتناهو قد فقد المصداقية عند حزبه وخصومه وأمامه باب مغلق قد لا يفتح له من جديد، وهو سيحاول ما يستطيع لتسجيل موقف عبر ظهر حماس، وقد رأينا أمس كيف بدأ كلمته المرتجفة بأنه أمام حرب وليس مجرد عملية تطهيرية، وإن كان يفرح بمن ساندوه من دول العالم فهو مخدوع، وسيحاول كل استطاعته لتجيير العملية النوعية لكتائب القسام لصالحه.
ومع ذلك سيجر نتيناهو أذيال الخيبة، ولكن الأهم أن المعتقلين من الجانب الإسرائيلي تحت يد القسام سيكنون لعنة عليه وعلى حكومته، ومهما صبر مدعوماً بسلاح الجو البربري فلن يفلت من العقاب، فالعقاب الذي استعدت له القسام باعتقال عشرات الاسرائليين بينهم جنود، سيمطرونهم بسياط الألم السياسي والعسكري.
لقد كان على كل من يدعم سلطة الاحتلال أن يقدموا حلولاً لهذا الصراع الذي ابتلع عشرات الآلاف من القتلى الفلسطينيين، دون أن يفرقوا بين طفل وعجوز وامرأة ومقاتل، وستبقى إسرائيل رهينة الخوف ما بقي شعب فلسطيني يتوارث تاريخ أجداده، ولن تلين قناتهم، فالقتلى هم شهداء على جرائم الاحتلال، ولا يبكون على موتاهم، فهم الدرع الواقية ومثواهم جنات النعيم، ولكن بعد هذه العملية سنجد الكثير من مواطني الاحتلال وهم يفرّون خارج فلسطين.
المشهد اليوم سيكون غارقاً بدماء الشهداء، ومنذ صباح أمس السبت وقوات الاحتلال تقتل وتعتقل شبانا فلسطينيين ورعاة الماشية والمتظاهرين، وكأننا نشاهد فيلماً سينمائياً حياً ومباشراً عندما ينتقم الجيش الإسرائيلي من المواطنين العزل بالقتل والترويع، فأين تلك الأمم التي تتباكى على الإسرائيليين وهم الذين طردوهم من دول الاتحاد الأوروبي وروسيا وأميركا، ووعدوهم بالفردوس وظهر أنه الجحيم. فمن يتحمل مسؤولية كل هذا الصراع الدامي غير نتنياهو؟!