وائل الدحدوح يروي لأول مرة تفاصيل صعبة عاشها خلال العدوان على القطاع

أخبار حياة – روى مدير مكتب الجزيرة في قطاع غزة، الصحفي وائل الدحدوح، تفاصيل جديدة يوم 7 تشرين أول (أكتوبر) الماضي الذي غير مجرى القضية الفلسطينية.

وكشف الدحدوح خلال استضافته في برنامج بودكاست، عبر منصة أثير، هول المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق عائلته وعن العدوان المستمر على قطاع غزة.

الغزيون في الساعات الأولى لطوفان الأقصى

قال الدحدوح، في الساعات الأولى من حرب طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، سمعت صوت صواريخ وأنا في بيتي، أيقنت أن هذه الصواريخ التي أطلقتها المقاومة ليست تجريبية وليست باتجاه البحر، بل باتجاه أهداف “إسرائيلية” كانت تنبعث في أكثر من مكان.

وبعد الساعات الأولى من طوفان الأقصى، لم أتوقع أن تكون الحرب على هذا النحو والنجاح الذي حققته المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

وتابع “الاحتلال لم يبدِ أي ردة فعل على غير العادة خلال الساعات الأولى من إطلاق المقاومة الصواريخ تجاه مستوطنات غلاف غزة ومناطق في إسرائيل”.

أهوال بعد السابع من أكتوبر

قال الدحدوح: “عشت كثيراً أكثر مما ينبغي بكثير وكان الأصل أن يكون الاستهداف لي”.

“ما يجري في غزة صعب جدا، وربما خارج الحسابات واحتمالات البشر، ولم يكن أحد يتوقع أنه سيشهد مثل هذه الأيام في القطاع، وبحكم حسابات كثيرة ووقائع كثيرة ومعادلات كثيرة صمدت إلى عشرات السنين بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة”.

وذكر الدحدوح أن “هذه الحرب ليست كمثيلاتها، ولم نشاهد مثلها على الإطلاق، حروب غزة السابقة كانت مجرد بروفة لهذه الحرب التي شهدناها، وما عاينته في مجزرة المستشفى المعمداني من مشاهد 90% منها ممنوع من العرض”، قائلا “يكفي أن نقول أننا كنا نسير على الأشلاء”.

استهداف العائلة

وقال الدحدوح، إن المخابرات “الإسرائيلية” لم تمهل عائلته، وقالت لإبنته: “أنتِ سندس وائل الدحدوح أسحبوا أنفسكم وارجعوا إلى الجنوب، بعد دقائق رن هاتفي الذي كان في الدرع، فجاء حمدان مسرعاً والتقط الهاتف، فأدركت أن هناك شيء، وقلت لنفسي هذه النهاية يا أبا حمزة”.

وتحدث الدحدوح عن تلقيه نبأ استهداف عائلته واستشهاد زوجته وابنه محمود وحفيده، وإنقاذ ابنته من تحت الركام، مشيرا إلى أنه ومنذ 7 أكتوبر لم يلتقِ عائلته إلا وهم شهداء، كاشفا خياره للحفاظ على حياة من تبقى من أفراد أسرته خاصة بعدما تلقت ابنته اتصالا مفاجئا من المخابرات “الاسرائيلية”.

“ذهبت أبحث عن أبنائي فلم أجدهم”

يروي الدحدوح لحظة الساعات الأولى لقصف الاحتلال عائلته ويقول: “ركبت السيارة أنا وحمدان والسائق وتوجهت فوراً إلى المنطقة عندما وصلنا وجدنا المنزل الذي كانوا فيه مدمر والناس كانت قد أنتشلت بعض الجثامين، دخلت المنزل اتفقد من استشهد ومن لم يستشهد، من تم انتشاله ومن لم يتم انتشاله”.

وتابع: بحثت عن أفراد أسرتي مع الناس فوجدت الحفيد آدم الذي كنت أحمله فانتشلته وقالوا “الآن انتهى لا نملك أكثر من ذلك في الليل”.

“حملت حفيدي وذهبت الى مستشفى شهداء الأقصى وهناك كانت المشاهد الشهيرة على الهواء مباشرة، دخلت اتفقد لكن أدركت أنه لم أجد أحدًا بين الجرحى، ربما بعض الزملاء لم يدركوا كيف يبلغوني عن الذين استشهدوا من العائلة أو استصعب الموضوع عليهم”.

وأكمل: “دخلت اتفقد الجرحى، وأتساءل أين الأولاد؟ أين البنات؟، شفت وحدة من بناتي، وأتيت بحفيدي وأمه ظنت بأنه حي، دخلت في حالة صعبة جدا لكن كان المطلوب أن تبقى قوياً إلى حدا ما”.

خروجه من غزة

قال الدحدوح إنه ترك قطاع غزة في أصعب وأسوء حال، خاصة من الجانب الإنساني.

وأضاف أن ما يجري في قطاع غزة صعب وكبير جدا، ربما كان خارج الحسابات والاحتمالات البشرية، ولم نكن نتوقع أن نشهد مثل هذه الأيام في القطاع، بحكم معادلات كثيرة صمدت لعشرات السنين في قطاع غزة أو في مناطق الضفة الغربية.

وقال إن حرب 7 أكتوبر ليست كمثيلاتها التي شاهدناها من قبل، لافتا إلى أنه قام بتغطية جميع الحروب في القطاع على مدار سنوات كثيرة.

صناعة الحياة تحت القنابل

“ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاَ ونرقص بين شهيدين”؛ بهذا البيت استهل الدحدوح حديثه عن فن صناعة الحياة في غزة تحت القنابل.

وقال: “هم بشر مثل كل البشر يحبون الحياة، بل على العكس يحبون صناعة الحياة، لأن الحياة بالنسبة لهم هي حالة الطوارئ على عكس كل الناس”.

وأكمل: “قبل أن أخرج من قطاع غزة، في الخيام والشهداء تأتي إلى المستشفيات تحت قصف الطائرات صدقني أن بعض مواطني غزة أقاموا أعياد ميلاد لأطفالهم، ليس أحتفالاً بعيد الميلاد وليس لأنه في وقت متسع للفرح، بل هنا تأتي إرادة الحياة وإرادة صناعة الحياة”.

وأوضح: “هي بالتأكيد ليست بمعنى أنه احتفال عيد ميلاد، ولكن على الأقل كانت أهازيج وطنية”.

وبين أنه “رأى أطفالا يتحدثون بشكل مرعب جدا وصادم جدا، وهذا يزلزل كيانك كصحفي وكإنسان، وأنت مضطر أن تواصل العمل وتبدو كأنك حجر”

الهدية التي أبكت الدحدوح؟

وقال الدحدوح: “كنت في زيارة لمنزل أحد الأصدقاء في قطر وقدم لي أبنه طالب مدرسة هدية، عبارة عن صندوق مغلف وفيه أكثر من 100 رسالة من صفوف مختلفة”.

ويضيف الدحدوح أن الهدية كانت تحاربني نفسيا لما وجدته بداخلها، “رسائل مكتوبة بخط اليد ومزخرفة وكل نص يختلف عن غيره، ومن بينها رسالة للمدرِسّةِ المشرفة على الموضوع”.

وقال: “الرسائل أبكتني إذ أن الصفات التي جاءت لي عبر وسائل الإعلام المختلفة تجري على ألسنة الأطفال في رسائلهم، ويدعون لغزة”. ويضيف، أصبحت لهؤلاء الأطفال نموذج ملهم، بالنسبة لحالتي الشخصية أو لقصة غزة بالكامل.

يشار إلى أن الدحدوح تعرض للإصابة في يده بعد أن استهدفه الاحتلال رفقة المصور سامر أبو دقة الذي استشهد على اثرها، وبعدها بأيام استشهد نجله الأكبر حمزة بقصف استهدف سيارة كان يستقلها برفقة الصحفي مصطفى الثريا بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وكان قبلها بنحو شهر، استشهد عدد من أفراد عائلة الدحدوح، بينهم زوجته وابنه وابنته وحفيده. وغادر الدحدوح قطاع غزة منتصف الشهر الماضي، للعلاج في العاصمة القطرية الدوحة، وخضع لعملية جراحية في يده.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات