
أخبار حياة – ظل أردنيون في حالة ترقب لأحوال ذويهم الذين قصدوا الديار المقدسة لأداء فريضة الحج خارج البعثة الرسمية التي تترأسها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وجاء ترقب ذوي الحجاج، خوفا من أن لا تسمح السلطات السعودية لهم من اتمام مناسك الحج، عبر منعهم الدخول إلى المشاعر المقدسة أو الوقوف في عرفات.
وتوالت الأخبار القادمة من السعودية، عن أن السلطات هناك وضعت قيودا وفرضت عقوبات على المخالفين لتصاريح الحج الرسمية.
أردنيون؛ كحال جنسيات أخرى، حاولوا الاستفادة من الفيزا السياحية التي تمنحها السعودية للسياح بأن قصدوا المملكة السعودية ودخلوا إلى مكة قبل الفترة المحددة المنع لأي شخص سواء أكان من داخل السعودية أو خارجها إلا لمن يحمل تصريح الحج.
فمكث هؤلاء الحجاج في مكة المكرمة متاورين عن الانظار مدة طويلة مقارنة مع المدة التي يقضيها الحاج المسجل على قوائم الأوقاف هناك. ما جعلهم وذويهم في حالة ترقب من أن يُكتشف أمرهم ويتم تسفيرهم قبل اتمام مناسك الحج، فيخسرون الحجة أولا ويخسرون الأموال التي دفعوها لمكاتب سياحية تنظم مثل هكذا رحلات.
تحذير من حج الفيزا
وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، كانت قد حذرت من الحج بهذه الطريقة، مؤكدة ان الرحلة تنطوي على مخاطر أهمها أن لا خدمات متوفرة للحاج الذي يقصد الديار المقدسة بهذه الطريقة.
وتوفر وزارة الأوقاف لحجاج الأردن النظاميين السكن ووجبات الطعام والتأمين الصحي ووسائل النقل التي تقبلهم للمشاعر المقدسة، في حين أن الوزارة أعلنت أكثر من مرة أن لا خيم للحجاج الفيزا التي يمكن أن تقيهم حرارة الشمس اللاهبة في جبل عرفات.
ويعتبر الوقوف بعرفات هو الحج الأكبر، من منطلق أن “الحج عرفة”، وفي هذا اليوم المقدس يبدأ الحاج فعليا مناسك الحج، غير أنه في هذا اليوم تبدأ المشقة من حيث المسير على الأقدام تحت درجات حرارة مرتفعة في مكة المكرمة والتي وصلت حسب تصريحات السلطات السعودية إلى 46 درجة في الظل.
وتزداد المشقة، بالنسبة للحجاج غير الحاصلين على تصاريح حج، باعتبار المسافات التي يمكمن أن يسيروا خلالها للوصول إلى عرفات، وسط اجراءات أمنية سعودية مشددة على طول الطريق الذي يصل إلى جبل عرفات.
وحذرت السلطات السعودية من التعرض لشعة الشمس ومن الاجهاد الحراري الذي يمكن أن يتعرض له الحاج.
الاجهاد الحراري وضربات الشمس
وما أن اقتربت ساعات النهار في يوم عرفات من الظهيرة حتى بدأت الأخبار تتداول عن وفاة حاج أردني نتيجة ضربة شمس، لتتبع هذا الخبر أخبار عن وفيات قالت بعض الأخبار إنها وصلت إلى 14 حالة فيما قالت أخبار أن عدد المفقودين وصل إلى 17 شخصا.
وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، أعلنت عبر ناطقها الرسمي أن الوفيات من خارج قوائم بعثة الحج الرسمية.
وكان استشاري الامراض التنفسية الدكتور محمد حسن الطراونة قد حذر في تصريح سابق من التعرض المباشر لأشعة الشمس، خصوصا كبار السن ومن يعانون الأمراض المزمنة، مشيرا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى الوفاة في بعض الاحيان
وأضاف أنه يمكن أن يتحمل الجسم درجات الحرارة عند حدود معينة لا تتخطى 40 درجة مئوية لفترة قصيرة من الوقت، لافتا إلى أن مرضى السكري تكون مقاومتهم للحرارة أبطأ، مقارنة بالأشخاص العاديين إفراز كميات كبيرة من العرق قد يجهد عضلة القلب لدى المسنين.
وقال الطراونة إنه يمكن أن يتحمل الجسم درجات الحرارة عند حدود معينة لا تتخطى 40 درجة مئوية، إذ أنه مهيأ لمقاومة درجات الحرارة من خلال الخلايا العصبية التي ترسل إشارات إلى الجلد والعضلات لمراقبة التغييرات.
وأضاف أنه عندما ترتفع الحرارة، يعطي المخ إشارة سريعة بالعطش ويبدأ في التعرق، في عملية تبقي الجسم في حال توازن.
وبحسب الطراونة، في بعض الحالات قد لا تسير هذه الطريقة بشكل اعتيادي، وقد يصبح أشخاص مصابين بأمراض مزمنة وقد يتعرض كبار السن للجفاف.
وأوضح أن مرضى السكري تكون مقاومتهم للحرارة أبطأ، مقارنة بالأشخاص العاديين ، نتيجة لتناولهم أدوية، فيشعرون بالتالي بوعكات صحية، مثل انتفاخ في القدمين واليدين، وحصول دوار، أو انخفاض في ضغط الدم، وتسارع في نبضات القلب.
ولفت الطراونة إلى أن إفراز كميات كبيرة من العرق قد يجهد عضلة القلب لدى المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة.
شمس لاهبة
تقول الأنباء الواردة من عرفات أن الحجاج غير المسجلين في بعثة الحج الأردنية، ساروا على الأقدام لمسافات طويلة حتى يتمكنوا من الوصول إلى جبل عرفات، وسط أجواء حارة وأشعة شمس حارقة ما أدى إلى الإصابة بضربات شمس أو بالإجهاد الحراري.
وبدا لافتا في هذا العام عدد الوفيات التي وصلت بحسب الأخبار إلى 14 حالة، إضافة إلى الإعلان عن عدد من المفقودين.
لا احصائيات رسمية
وقال وزير الأوقاف الدكتور محمد الخلايلة في تصريح يوم أمس الأحد أنه لا توجد إحصائيات رسمية بشأن الحجاج غير الرسميين لدى الوزارة، مشيرا إلى أن حالات الوفاة والفقد التي وقعت؛ كانت بين ممن حاولوا أداء مناسك الحج عن طريق (فيزا السياحة)، والتي أكدت بشأنها السلطات السعودية سابقا، بعدم مقدرتهم على الحج لعدم حصولهم على تصريح رسمي يمكنهم من ذلك.
مكاتب حج وفيزا السياحة
يقول عاملون في قطاع تنظيم رحلات الحج والعمرة إنهم يعملون في إطار قانوني بتنظيم مثل هكذا النوع من الرحلات، فكل حاج يكون قد حصل على فيزا بشكل قانوني، لكن الرغبة بالحج هي من تدفعه إلى البقاء في مكة المكرمة لأداء الفريضة.
وقالوا إن هؤلاء الحجاج يدخلون إلى مكة قبل الوقت الذي تحددة السلطات السعودية لإغلاق مكة أمام السياح أو المعتمرين ليتمكنوا من أداء المناسك.
وأوضحوا أن المكاتب توفر لهؤلاء الحجاج أماكن للسكن والتنقل، والبعض منهم يتمكنون من توفير الإسوارة الخاصة بالحجاج لغايات التفتيش التي تجريها السلطات السعودية، غير أن بعض تلك المكاتب لا تتمكن من توفير ذلك لحجاجها ما يضعهم في مصاعب كبيرة تصل في بعض الاحيان إلى الحرمان من الحج أو حتى التسفير من الأراضي السعودية.
“أخبار حياة“، تواصلت مع بعض الحجاج الذين حجوا عبر فيزا سياحية، حيث أشادوا بالمكتب الذي نظم لهم الرحلة، وأن التكلفة كانت أقل من كلفة الحج الرسمية عن طريق وزارة الاوقاف، مؤكدين أن المكتب وفى بكل التزاماته لهم، وأنه وضعهم في وقت سابق بالمصاعب التي يمكن أن تواجههم.
فيما قال حجاج حجوا عن طريق الفيزا لـ “أخبار حياة” أنهم أمضوا الوقت في جبل عرفات وهم داخل الباصات، وأن هذه الباصات استمرت في تشغيل التكييف لهم باعتبار درجات الحرارة اللاهبة.
يذكر أنه حتى هذا الوقت، لم تجر أي من الجهات ذات الاختصاص في الأردن تحقيقا مع مثل هذه المكاتب.
تفاعل وانتقادات
انتقد أردنيون التصريحات الحكومية حول وفيات حجاج أردنيين خلال موسم حج 2024، حيث تداوم وزارة الأوقاف على التأكيد بأن “الحجاج الأردنيين في البعثة الرسمية بخير، وقضوا يوم عرفة بخدمات مميزة تشمل حافلات وخياما مكيفة”.
وعلق الصحفي يوسف قطيش: “الخارجية: جميع الحجاج الأردنيين الذين توفاهم الله والمفقودين ليسوا ضمن بعثة الحج الرسمية، يعني الرسمي ما بموت”.
واكتفى عبدالمطلب عليمات بالتعليق: “جميع الوفيات الحجاج الأردنيين من غير النظاميين، ولم تسجل أي حالة وفاة من الحجاج النظاميين، وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية”.
وفيات عرب
وكانت عدة دول عربية عن وفيات في صفوف الحجاج إثر إصابتهم بضربات شمس، وسط تحذيرات طبية ورسمية للحجاج لتجنب مخاطر ارتفاع درجات الحرارة هذا العام.
فيما وصل عدد الوفيات بين الحجاج المصريين إلى 9 أشخاص، حسب ما نقلت صحيفة المصري اليوم.
وجاءت الوفيات من محافظات مختلفة مثل الغربية والدقهلية وشمال سيناء. ولفتت الصحيفة إلى أن سبب بعض الوفيات متعلق بالإجهاد بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
من جانبه، أعلن القنصل العام للمغرب بمدينة جدة السعودية، عن وفاة 5 حجاج مغاربة، فارقوا الحياة بالديار المقدسة لأسباب صحية مختلفة، على بعد أيام معدودة من انطلاق مناسك الحج لموسم 2024.
وأوضح القنصل العام، في تصريح صحفي، أن 3 حالات منها، سجلت داخل غرف فنادق بمكة المكرمة، مشيرا إلى أنها نجمت عن أمراض مزمنة من قبيل الضغط الدموي وأمراض السكري، بينما كانت حالتان بسبب الإجهاد الحراري.
وفي تونس، أعلن المرصد التونسي لحقوق الإنسان عن وفاة 5 حجّاج تونسيين في البقاع المقدّسة، أمس السبت 15 يونيو/حزيران.
وأوضح المرصد في تدوينة على فيسبوك أنّ الحجاج تأثّروا بالحرّ الشديد في جبل عرفات، مشيرا إلى أن 3 منهم من عائلة واحدة.
ووقف أكثر 1.8 مليون حاج، أمس السبت، على مشعر عرفة وسط درجات حرارة مرتفعة وصلت إلى 46 درجة مئوية في الظل.