خبراء لـ “أخبار حياة”: مشروع قانون العمل سيربك السوق ويزيد من نسب البطالة

أخبار حياة –  أثار المشروع المعدل لقانون العمل حنق فعاليات عمالية واقتصادية، وذلك لاستمرار الحكومات بفتح القانون للتعديل حتى وصلت لـ 12 تعديلًا خلال 25 عامًا.

ويشار إلى أن مجلس الوزراء قد قرر الموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع قانون معدل لقانون العمل لسنة 2024، وأحاله إلى ديوان التشريع والرأي للسير في إجراءات إصداره حسب الأصول الدستورية.

يهدف مشروع القانون ـ بحسب الحكومة ـ إلى تمكين وزارة العمل من القيام بمهامها ومسؤولياتها في تنظيم سوق العمل، وتحقيق التوازن ما بين مصلحة العاملين وأصحاب العمل في القطاع الخاص، والمواءمة ما بين قانون العمل والتشريعات الوطنية الافذة، بما في ذلك قانون الضمان الاجتماعي، ونظام الخدمة المدنية ونظام دور الحضانة؛ بما يتوافق مع المعايير الفُضلى والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.

كما يهدف مشروع القانون إلى تنظيم العمالة الوافدة في سوق العمل، وإحلال العمالة الأردنية محلها، وتعزيز دخول المرأة إلى سوق العمل من خلال زيادة فترة إجازة الأمومة وحظر إنهاء خدمات المرأة الحامل، ومواكبة التطوُّرات الحاصلة في سوق العمل وغيرها من الأحكام الأخرى.

  • تعديلات سطحية ــ

يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش، إن التعديلات التي طرأت على قانون العمل في صورتها العامة مقبولة وإيجابية، لكنها ليست في عمق الحالة العمالية وسوق العمل، مضيفًا أنها اقتصرت على تعديل الإجراءات لا الاستراتيجيات العامة لسوق العمل.

وأوضح في حديثٍ لـ أخبار حياة، أن مشروع قانون العمل المعدل يجب أن يسهم في تطوير النتائج المترتبة عليه، بحيث تنعكس على وضع العمال، متسائلا “كيف ستقيس الحكومة أثر هذه التعديلات على سوق العمل والعمال؟”.

بدوره، يرى رئيس مركز الفنيق للدراسات لااقتصادي أحمد عوض، أن تعديلات إجازة الأمومة ومنع فصل النساء الحوامل؛ هي تعديلات إيجابية وقليلة في مشروع القانون المعدل.

لكن غالبية التعديلات التي تضمنها مشروع قانون العمل سلبية ـ يكمل عوض ـ لأنها لا تصب في مصلحة العمال، إذ سهلت الفصل التعسفي وفصل الموظفين بذريعة إعادة هيكلة المؤسسات دون العودة إلى وزارة العمل.

  • زيادة البطالة –

لم ينأى عوض بملف البطالة عن تأثره بالمشروع المعدل لقانون العمل، إذ أكد أن هذه التعديلات ستسهم في زيادة معدلات البطالة، باعتبارها سهلت عمليات فصل الموظفين.

إلى ذلك.. حذر رئيس مركز بيت العمال، حمادة ابو نجمة، من اثر التعديلات المقترحة على قانون العمل، مؤكدًا أنها تهدد استقرار سوق العمل وتزيد من حالة عدم اليقين بين العمال وأصحاب العمل.

وأشار في حديثه لـ أخبار حياة، إلى أن التعديلات المقترحة تشمل تغيرات جوهرية على 12 مادة من القانون، منها خمس مواد تتعلق بإنهاء العمل، والتي قد تضعف الحماية العمالية وتؤثر سلبًا على استقرار سوق العمل.

وأكد أن عدم استقرار التشعريعات يؤدي بدوره إلى إرباك سوق العمل عبر خلق حالة من عدم اليقين لدى العمال وأصحاب العمل.

  • ملاحظات متخصصة ــ

ويرى عوض أن التعديل على قانون العمل يعطي الشركة الحق بإجراء إعادة هيكلة والاستغناء عن 15 % من العاملين لديها من غير مراجعة الوزارة، مشيرًا إلى أن هذا التعديل يعني أنه إذا كانت النسبة أكثر من 15 % فيجب الحصول على موافقة، وفي حال تكرر هذا الموضوع في السنة ذاتها فستحصل أيضا على موافقة.

وأوضح أن الأثر السلبي لهذا التعديل ينعكس أيضًا على تشجيع الموظفين على التقاعد المبكر، ومن شأنه أن يضر بمصالح المواطنين.

وتابع: “التعديلات تأتي في سياق العديد من التعديلات السلبية على قانون العمل، من أجل إعطاء مزيد من المرونة للقطاع الخاص لتحفيز الاقتصاد الوطني”، مشيرا إلى أن تحفيز القطاع الخاص لزيادة الاستثمارات يأتي من خلال زيادة الحوافز الضريبية والجمركية وتخفيف البيروقراطية لا عن طريق فصل الموظفين”.

من جانبه، قال أبو نجمة “إن تعديل المادة 31 من قانون العمل المتعلقة بموضوع فصل العامل جاء تحت ستار سياسات تعزيز مرونة سوق العمل”، موضحًا أن مرونة سوق العمل تمنح الشركات صلاحيات واسعة في اتخاذ القرارات المتعلقة بتعيين العاملين وفصلهم وتحديد ظروف عملهم بأقل ما يمكن من قيود تشريعية.

وأشار إلى أن “الهدف الظاهر من ذلك أنه يسهم في انخفاض معدلات البطالة وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة تخفيف كلف العمالة وتعويضاتها على أصحاب العمل، لكن من شأن ذلك أن يتسبب بزيادة الوظائف المؤقتة غير المستقرة وانخفاض الدخل وانقطاعه المتكرر عن العدد الأكبر من العاملين، وبتوترات في علاقات العمل، ما ينعكس سلبا على الإنتاجية وعلى الاقتصاد والأمن المجتمعي”.

  • إخلال بتوازن السلطات ــ

وبين أبو نجمة أن مشروع تعديلات قانون العمل تضمن إحالة صلاحية تحديد الحالات التي تعد فصلا من العمل والحقوق والمستحقات التي تترتب على ذلك إلى نظام يصدر عن مجلس الوزراء، وذلك كبديل للوضع الحالي الذي يتولى فيه القانون نفسه تحديد قواعدها بشكل عام ومن ثم يتولى القضاء تطبيقها وتفسيرها والحكم بناء عليها، كما هو معمول به في مختلف دول العالم، حيث تكونت لدى القضاء المحلي والمقارن على مدى سنوات طويلة ذخيرة كبيرة من القواعد الراسخة لمثل هذه الأحكام التي تشمل مختلف الحالات التي لا يمكن للتشريع نفسه أن يحتويها بتفاصيلها كاملة سواء في قانون أو نظام.

وقال “إن تدخل السلطة التنفيذية في هذا الموضوع بهذا الشكل سيخل بالتوازن الدقيق المفترض بين كل من الدور التشريعي والدور القضائي والدور الإداري في تنظيم علاقات العمل”.

وأضاف “أن ذلك يعد تجاوزاً لصلاحيات السلطة التنفيذية، وتعديا على صلاحيات السلطتين التشريعية والقضائية، فهو ينزع صلاحياتهما في هذا الشأن ويضعهما في يد السلطة التنفيذية بصلاحيات تقديرية واسعة ستخضع لضغوطات قوى مؤثرة باتجاه توسيع نطاق حالات الفصل من العمل وجعلها بيد صاحب العمل”.

وأكد أن تسهيل إنهاء الخدمات، له آثار جانبية قد تمتد لتشمل الاقتصاد والمجتمع ككل، فمن الجانب الاقتصادي سيتسبب ذلك بزيادة معدلات الفصل، ما يؤدي لزيادة عدم الاستقرار في سوق العمل، وزيادة معدلات البطالة، والتشجيع على العمل المؤقت، وبالتالي التأثير على الاستهلاك والنمو الاقتصادي.

ورأى أن تعديل تلك المادة سيزيد من التكاليف الاقتصادية الكلية بسبب زيادة معدلات البطالة وتراجع الإنتاجية، وكذلك تراجع الاستثمار في رأس المال البشري، فالشركات التي تملك صلاحية فصل العاملين بسهولة ستكون أقل حماسة للاستثمار في تدريب وتطوير موظفيها، وسيؤدي المناخ غير المستقر في العمل إلى تراجع الابتكار والإبداع، ما يؤثر سلباً على الإنتاجية وجودة القوى العاملة على المدى الطويل.

مقالات ذات صلة

شارك المقال:

الأكثر قراءة

محليات